قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَنْبَغِي لِوَالِي الصَّدَقَاتِ أن يسم كل ما أخذ منها مِنْ بَقَرٍ أَوْ إِبِلٍ فِي أَفْخَاذِهَا وَيَسِمَ الْغَنَمَ فِي أُصُولِ آذَانِهَا وَمِيسَمُ الْغَنَمِ أَلْطَفُ مِنْ مِيسَمِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَيَجْعَلُ الْمِيسَمَ مَكْتُوبًا للَّهِ لِأَنَّ مَالِكَهَا أَدَّاهَا لِلَّهِ تَعَالَى فَكَتَبَ لِلَّهِ وَمِيسَمُ الْجِزْيَةِ مُخَالِفٌ لِمِيسَمِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّهَا أديت صغارا لا أجر لصاحبها فيها وكذلك بلغنا عن عمال عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يسمون وقال أسلم لعمر إِنَّ فِي الظَّهْرِ نَاقَةً عَمْيَاءَ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه ندفعها إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَنْتَفِعُونَ بِهَا يَقْطُرُونَهَا بِالْإِبِلِ. قال قلت كيف تأكل من الأرض؟ قال عمر أمن نعم الجزية أو من نعم الصدقة؟ قلت لا بل مِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ. فَقَالَ عُمَرُ أَرَدْتُمْ وَاللَّهِ أكلها فقلت إن عليها ميسم الجزية قال فأمر بها عمر فنحرت قال فكانت عنده صحاف تسع فلا تكون فاكهة ولا طريفة إلا وجعل منها في تلك الصحاف فيبعث بها إلى أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويكون الذي يبعث به إلى حفصة رضي الله عنها من آخر ذلك فإن كان فيه نقصان كان في حظها قال فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور فبعث به إلى أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأمر بما بقي من اللحم فصنع فدعا عليه المهاجرين والأنصار (قال) ولا أعلم في الميسم علة إلا أن يكون ما أخذ من الصدقة معلوما فلا يشتريه الذي أعطاه لأنه خرج منه لله كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمر رضي الله عنه في فرس حمل عليه في سبيل الله فرآه يباع أن لا يشتريه وكما ترك المهاجرون نزول منازلهم بمكة لأنهم تركوها لله تعالى ".