للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُهَا فِي الثِّمَارِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ دُونَ مَا عَدَاهُمَا مِنَ الثِّمَارِ، إِذَا بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا، وَلَا شيء فيما دُونَ ذَلِكَ. هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ جَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وأبو يوسف، ومحمد، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.

وَقَالَ أبو حنيفة: الْعُشْرُ وَاجِبٌ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ نِصَابٍ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) {الأنعام: ١٤١) فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَبِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِيمَا سَقَتِ الْسَمَاءُ الْعُشْرُ ".

وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ رَجُلٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " مَا سَقَتِ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بنضحٍ أَوْ غربٍ فَنِصْفُ العشرِ " فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ فِي مَالٍ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِهِ الْحَوْلُ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِهِ النِّصَابُ، كَخُمُسِ الْغَنَائِمِ وَالرِّكَازِ، وَلِأَنَّ لِلزَّكَاةِ شَرْطَيْنِ الْحَوْلُ، وَالنِّصَابُ فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْحَوْلُ فِي الثِّمَارِ مُعْتَبَرًا لَمْ يَكُنِ النِّصَابُ فيها معتبراً.

وتحريره قياساً: أن أَحَدُ شَرْطَيِ الزَّكَاةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِي الثِّمَارِ كَالْحَوْلِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي ابتدائه وقص يعفى عنه لكان في انتهائه وَقْصٌ يُعْفَى عَنْهُ كَالْمَاشِيَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي أَثْنَائِهِ عَفْوٌ اقْتَضَى أَنْ لَا يَكُونَ فِي ابْتِدَائِهِ عَفْوٌ.

وَدَلِيلُنَا: رِوَايَةُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صدقةٌ " فَتَعَلَّقَ الْخَبَرُ بِنَفْيِ الصَّدَقَةِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَدَلِيلُهُ بينها فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَمَا زَادَ، وَهُوَ مَوْضِعُ وِفَاقٍ، وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ وَجَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا زَكَاةَ فِي زرعٍ وَلَا نخلٍ وَلَا كرمٍ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ ".

وَرَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا زَكَاةَ فِي شيءٍ مِنَ الحرثِ حتى يبلغ خمسة أوسقٍ فذا بَلَغَ خَمْسَةَ أوسقٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ " وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا وَهَذِهِ نُصُوصٌ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>