الْغُرْمُ وَالْإِنْكَارُ. وَأَمَّا صِفَةُ النَّقْصِ فَهِيَ دَعْوَى الْغَاصِبِ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ الْغَاصِبُ قِيمَةُ الْعَبْدِ الَّذِي غَصَبْتُهُ مِنْكَ مِائَةٌ لِأَنَّهُ سَارِقٌ أَوْ آبِقٌ وَيَقُولُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قِيمَتُهُ أَلْفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَارِقٍ وَلَا آبِقٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يمنيه تَعْلِيلًا بِعُرْفِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ تَعْلِيلًا بِإِنْكَارِهِ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي فِي الْآجَالِ. وَهُوَ اخْتِلَافُهُمَا فِي تَلَفِهِ فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَبْدٌ بَاقٍ فِي يَدِكَ وَيَقُولُ الْغَاصِبُ قَدْ تَلِفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى تَلَفِهِ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي الْقِيمَةَ. وَقَدْ حَلَفَ الْغَاصِبُ عَلَى تَلَفِ الْعَيْنِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لِلتَّلَفِ فَيَمِينُ الْغَاصِبِ مَانِعَةٌ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَصَارَ كَالْآبِقِ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ قِيمَتُهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ اخْتِلَافُهُمَا فِي مِثْلِهِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي صِفَاتِ الْمِثْلِ. كَقَوْلِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ غَصَبْتَنِي طَعَامًا حَدِيثًا فَيَقُولُ الْغَاصِبُ بَلْ غَصَبْتُكَ طَعَامًا عَتِيقًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ تَعْلِيلًا بِالْمَعْنَيَيْنِ فِي الْإِنْكَارِ وَالْغُرْمِ ثُمَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي أَصْلِ الْمِثْلِ كَقَوْلِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِمَا غَصَبْتَنِيهِ مِثْلٌ وَقَوْلِ الْغَاصِبِ لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ فَلَا اعْتِبَارَ لِاخْتِلَافِهِمَا وَيَرْجِعُ فِيهِ إِلَى اجْتِهَادِ الْحُكَّامِ فَإِنْ حَكَمُوا لَهُ بِمِثْلٍ طُولِبَ بِهِ وَإِنْ حَكَمُوا فِيهِ بِالْقِيمَةِ أُخِذَتْ مِنْهُ.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي وُجُودِ الْمِثْلِ كَقَوْلِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْمِثْلُ مَوْجُودٌ. وَبِقَوْلِ الْغَاصِبِ بَلِ الْمِثْلُ مَعْدُومٌ فَيَكْشِفُ الْحَاكِمُ عَنْ وُجُودِهِ وَيَقْطَعُ تَنَازُعَهُمَا فِيهِ، فَإِنْ وَجَدَهُ لَزِمَ الْغَاصِبَ دَفَعُ الْمِثْلِ رَخِيصًا كَانَ أَوْ غَالِيًا، وَإِنْ عُدِمَهُ خُيِّرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَتَعَجَّلَ أَخْذَ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ إِلَى وُجُودِ الْمِثْلِ فَإِنْ تَعَجَّلَ أَخْذَ الْقِيمَةِ ثُمَّ وُجِدَ الْمِثْلُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَقَدِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى مَا أَخَذَ مِنْ قِيمَتِهِ بِخِلَافِ الْآبِقِ إِذَا أُخِذَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ وُجِدَ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ قِيمَةَ الْآبِقِ أُخِذَتْ عِنْدَ الْإِيَاسِ مِنْهُ فَلَزِمَ رَدُّهَا بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَقِيمَةَ ذِي الْمِثْلِ أُخِذَتْ مَعَ الْعِلْمِ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدُ، فَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهَا بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ خُيِّرَ