للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَدَارُ التَّدْبِيرِ عَلَى حَدِيثَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ جَابِرٍ.

وَالْآخَرُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ.

فَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَوَارِدٌ مِنْ طَرِيقَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْمَتْنِ الْمُتَقَدِّمِ.

وَالثَّانِي: مَا رَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالُ لَهُ: أَبُو مَذْكُورٍ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ يُقَالُ لَهُ: يَعْقُوبُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: (مَنْ يَشْتَرِيهِ؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ الله النحام بثمان مائة دِرْهَمٍ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيْهِ فَقَالَ: (إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى عِيَالِهِ فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى ذَوِي رَحِمِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَهَاهُنَا، وَهَاهُنَا) . وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَرَوَاهُ سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أُمِّ عَمْرَةِ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ مُدَبَّرَةً لِعَائِشَةَ سَحَرَتْهَا فَأَمَرَتْ بِهَا، فَبِيعَتْ فِي الْأَعْرَابِ، وَجَعَلَتْ ثُلُثَهَا فِي الرِّقَابِ.

فَصْلٌ

فَإِذَا تَقَرَّرَ جَوَازُ التَّدْبِيرِ، فَالْمَقْصُودُ بِهِ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَا كَانَ السَّيِّدُ حَيًّا بَاقٍ عَلَى رِقِّ سَيِّدِهِ وَأَحْكَامُ الرِّقِّ جَارِيَةٌ عَلَيْهِ فِي اسْتِخْدَامِهِ، وَمِلْكِ أَكْسَابِهِ، وَإِجَارَتِهِ وَنِكَاحِهِ وَطَلَاقِهِ وَشَهَادَتِهِ كَسَائِرِ الْعَبِيدِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا كَسَائِرِ الْإِمَاءِ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالتَّدْبِيرُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُقَيَّدٌ، وَمُطْلَقٌ. فَأَمَّا الْمُقَيَّدُ: فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا، أَوْ عَامِي هَذَا، فَأَنْتَ حُرٌّ فَيَكُونُ تَدْبِيرُهُ مَعْقُودًا بِشَرْطِهِ. فَإِنْ مَاتَ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ، أَوْ فِي هَذَا الْعَامِ، عَتَقَ بِمَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ مِنْهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ، وَلَمْ يُعْتَقْ بِمَوْتِهِ، فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْعَامِ.

وَأَمَّا الْمُطْلَقُ: فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: مَتَى مُتُّ، أَوْ إِذَا مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يَقُولَ لَهُ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ فَفِي أَيِّ زَمَانٍ مَاتَ وَعَلَى أَيِّ صِفَةٍ مَاتَ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ قُتِلَ عَتَقَ بِمَوْتِهِ، فإنه قَتَلَهُ الْمُدَبَّرُ فَفِي عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ قَوْلَانِ، مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ كَالْوَصِيَّةِ فِي اعْتِبَارِهِ مِنَ الثُّلُثِ. وَإِذَا خَرَجَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ عَتَقَ جَمِيعُهُ بِمَوْتِهِ، وَإِنِ اسْتَوْعَبَهُ الدَّيْنُ، رَقَّ وَلَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَالٌ غَيْرُهُ، عَتَقَ ثُلُثُهُ بِمَوْتِهِ وَرَقَّ ثُلُثَاهُ لِوَرَثَتِهِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْتَسْعِيهِ الْوَرَثَةُ فِي ثُلُثَيْهِ وَيُعْتَقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>