الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ عَلَى مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَا رَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ كَانَ لِبِنْتِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَوْلًى أَعْتَقَتْهُ، فَمَاتَ، وَتَرَكَ بِنْتًا، وَمَوْلَاتُهُ بِنْتُ حَمْزَةَ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَأَعْطَى الْبِنْتَ النِّصْفَ، وَأَعْطَى مَوْلَاتَهُ النِّصْفَ) . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: وَأَنَا أَعْلَمُ بِهَا لِأَنَّهَا أُخْتِي لِأُمِّي أُمُّنَا سَلْمَى بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ، فَمَوْضِعُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَدِّمِ الْمَوْلَى عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ لَكَانَ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْبِنْتِ مَرْدُودًا عَلَى الْبِنْتِ.
وَرَوَى يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (الْمِيرَاثُ لِلْعَصَبَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةٌ فَالْمَوْلَى) ، وَلِأَنَّ الْمَوْلَى عَصَبَةٌ، وَالْعَصَبَاتُ أَوْلَى مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَالنَّسَبِ.
فَصْلٌ
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَوْلَى وَارِثٌ بِوَلَائِهِ بَعْدَ الْعَصَبَاتِ وَذَوِي الْفُرُوضِ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى مَيِّتًا، فَالْوَلَاءُ بَعْدَهُ لِأَقْرَبِ عَصَبَاتِهِ يَوْمَ يَمُوتُ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ، فَإِنْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَ مَوْلَاهُ وَبِنْتَ مَوْلَاهُ وَأَبَا مَوْلَاهُ، فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَوْلَى دُونَ الْبِنْتِ. وَحُكِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ الْمِيرَاثَ بِالْوَلَاءِ كَالْمِيرَاثِ بِالنَّسَبِ، فَيَحْصُلُ لِأَبِي الْمَوْلَى السُّدْسُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ ابْنِ الْمَوْلَى، وَبِنْتِ الْمَوْلَى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
وَحُكِيَ عَنْ شُرَيْحٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، أَنَّ لِأَبِ الْمَوْلَى السُّدْسَ وَالْبَاقِي لِابْنِ الْمَوْلَى دُونَ بِنْتِ الْمَوْلَى، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَدَاوُدَ، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَكْثَرِ التَّابِعِينَ أَنَّ ابْنَ الْمَوْلَى أَوْلَى مِنَ الْأَبِ وَالْبِنْتِ. أَمَّا الْبِنْتُ، فَلِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَرِثْنَ بِالْوَلَاءِ، لِعَدَمِ التَّعْصِيبِ فِيهِنَّ وَأَمَّا الْأَبُ، فَلِأَنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي الْوَلَاءِ، فَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا يُشَارِكُ بَنِي الِابْنِ، وَإِنْ سَفُلُوا لِأَنَّهُ لَا يَرْثُ مَعَهُمْ إِلَّا بِالْغَرَضِ، وَلَا حَقَّ لِذَوِي الْفُرُوضِ فِي مِيرَاثِ الْوَلَاءِ ثُمَّ مِيرَاثُهُ بَعْدَ بَنِي مَوْلَاهُ لِأَبِ الْمَوْلَى، لِأَنَّهُ أَحَقُّ الْعَصَبَاتِ بَعْدَ الْبَنِينَ ثُمَّ فِيمَنْ يَرِثُهُ بَعْدَ أَبِ الْمَوْلَى قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَخُو مَوْلَاهُ، وَيَكُونُ أَحَقَّ مِنْ جَدِّ الْمَوْلَى.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَشْتَرِكُ فِيهِ أَخُو الْمَوْلَى، وَجَدُّ الْمَوْلَى، فَإِنْ تَرَكَ جَدَّ مَوْلًى وَابْنَ أَخِي مَوْلًى، فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَدَّ الْمَوْلَى أَحَقُّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ ابْنَ أَخِي الْمَوْلَى أَحَقُّ، وَلَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، فَإِنْ تَرَكَ جَدَّ مَوْلَاهُ وَعَمَّ مَوَّلَاهُ، فَجَدُّ الْمَوْلَى أَحَقُّ وَإِنْ تَرَكَ أَبَا جَدِّ مَوْلَاهُ وَعَمَّ مَوْلَاهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute