وَأَمَّا الْقَيُّومُ: فَمِنْ أَسْمَائِهِ، وَاخْتُلَفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: إِنَّهُ الْقَائِمُ بِتَدْبِيرِ خَلْقِهِ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ الْقَائِمُ بِالْوُجُودِ.
وَالثَّالِثُ: إِنَّهُ الْقَائِمُ بِالْأُمُورِ.
وَالرَّابِعُ: إِنَّهُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الِاسْتِقَامَةِ.
فَإِذَا حَلَفَ بِالْقَيُّومِ كَانَ حَالِفًا بِاللَّهِ فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ عَدَلَ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْبَاطِنِ جَازَ، وَلَمْ يَكُنْ حَالِفًا، لِأَنَّ مَعَانِيَهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَعْمَلَةً فِي غَيْرِهِ.
(فَصْلٌ:)
وَالْقِسْمُ السَّادِسُ: مِنْ أَسْمَائِهِ مَا كَانَ إِطْلَاقُهُ مُخْتَصًّا بِغَيْرِهِ فِي الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَسْمَائِهِ فِي الْبَاطِنِ، وَهُوَ: الْمُؤْمِنُ، وَالْعَالِمُ، وَالْكَرِيمُ، وَالسَّمِيعُ، وَالْبَصِيرُ.
فَهَذِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ صَارَتْ فِي الْعُرْفِ مُسْتَعْمَلَةً فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ.
فَإِذَا حَلَفَ بِأَحَدِهَا لَمْ يَكُنْ حَالِفًا بِاللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا اللَّهَ تَعَالَى فِي الْبَاطِنِ، فَيَصِيرُ بِهَا حَالِفًا، وَلَوْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَقَلَّ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْمَخْلُوقِينَ، صَارَ حَالِفًا بِهَا فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ.
(فَصْلٌ:)
وَالْقِسْمُ السَّابِعُ: مِنْ أَسْمَائِهِ مَا كَانَ إِطْلَاقُهُ فِي الظَّاهِرِ مُشْتَرِكًا بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ خَلْقِهِ عَلَى سَوَاءٍ كَالرَّحِيمِ، وَالْعَظِيمِ، وَالْعَزِيزِ، وَالْقَادِرِ، وَالنَّاصِرِ، وَالْمَلِكِ، فَيَرْجِعُ فِيهَا إِلَى إِرَادَةِ الْحَالِفِ بِهَا، فَإِنْ أَرَادَ بِهَا أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ حَالِفًا بِهَا، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا أَسْمَاءَ الْمَخْلُوقِينَ لَمْ يَكُنْ حَالِفًا بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إِرَادَةٌ، فَفِيهَا وَجْهَانِ:
أحدهما: يكونه حَالِفًا بِهَا تَغْلِيبًا لِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْأَيْمَانُ فِي الْغَالِبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ لَا يَكُونُ حَالِفًا؛ لِأَنَّهَا مَعَ تَسَاوِي الِاحْتِمَالِ فِيهِ تَصِيرُ كِنَايَةً لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مَعَ فَقْدِ الْإِرَادَةِ حكمٌ، فَلَوْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَقَلَّتْ فِي الْمَخْلُوقِينَ صَارَ حَالِفًا بِهَا فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ كَالْقِسْمِ الْخَامِسِ، وَلَوْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْمَخْلُوقِينَ، وَقُلَّ اسْتِعْمَالُهَا فِي اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ حَالِفًا بِهَا فِي الظَّاهِرِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالِفًا بِهَا فِي الْبَاطِنِ كَالْقِسْمِ السَّادِسِ.
(فَصْلٌ:)
وَالْقِسْمُ الثَّامِنُ مِنْ أَسْمَائِهِ: الْجَبَّارُ، وَالْمُتَكَبِّرُ، فَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمَدْحِ وَالتَّعْظِيمِ كَانَ مُخْتَصًّا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الذَّمِّ، كَانَ مُخْتَصًّا بالمخلوقين، وهو اسمان الجبار والمتكبر، لأنهما من صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَدْحٌ، وَفِي صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ ذَمٌّ، فَيَصِيرُ بِهِمَا حَالِفًا إِنْ خَرَجَا مَخْرَجَ الْمَدْحِ، لِاخْتِصَاصِ اللَّهِ تَعَالَى