للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البقرة: ٢٢٨] . وَإِمْكَانُهُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ ثَمَانِينَ يَوْمًا مِنْ وَطْئِهِ وَإِنَّمَا اعْتُبِرَ بِالثَّمَانِينَ، لِأَنَّ أَقَلَّ حَمْلٍ يَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ أَنْ يَكُونَ مُضْغَةً مُخَلَّقَةً.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُخْلَقُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ نُطْفَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَلَا يَقَعُ الِاعْتِدَادُ بِإِسْقَاطِهِ قَبْلَ الثَّمَانِينَ، وَقُبِلَ قَوْلُهَا بَعْدَهَا، وَلَا يَلْزَمُهَا إِحْضَارُ السَّقْطِ لِأَنَّهَا لَوْ أَحْضَرَتْهُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مِنْهَا إِلَّا بِقَوْلِهَا.

فَأَمَّا إِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ فَادَّعَتِ انْقِضَاءَ عَدَّتِهَا، وَأَكْذَبَهَا الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ دُونَهَا، لِأَنَّ الشُّهُورَ مُقَدَّرَةٌ بِالشَّرْعِ وَالْحَلِفُ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ حَلِفٌ فِي زَمَانِ الطَّلَاقِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي زَمَانِ طَلَاقِهِ كَمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي: " وَلَوْ رَأَتِ الدَّمَ فِي الثَّالِثَةِ دَفْعَةً ثُمَّ ارْتَفَعَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي رَأَتْ فِيهِ الدَّفْعَةَ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا وَرَأَتْ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً أَوْ لَمْ تَرَ طُهْرًا حَتَّى يُكْمِلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَهُوَ حَيْضٌ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ فَكَذَلِكَ إِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ رؤيتها الدم والحيض قبله قدر طهر وإن رأت الدم أقل من يوم وليلة لم يكن حيضاً ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ فِي الطُّهْرِ تَنْقَضِي بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَالْمُطَلَّقَةُ فِي الْحَيْضِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ فَوَصَفَ الشَّافِعِيُّ حَالَ الْحَيْضَةِ الْأَخِيرَةِ لتعلق انقضاء المدة بها، فإذا رأت يوم الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الطُّهْرِ الثَّالِثِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ، أَوْ يَكُونَ فِي غَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَّصِلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَيَكُونُ حَيْضًا سَوَاءٌ بَلَغَ قَدْرَ عَادَتِهَا مِنَ الْحَيْضِ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا، لِأَنَّ الْحَيْضَ قَدْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّمُ أَسْوَدَ أَوْ كَانَ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً لِأَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ حَيْضٌ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِدُخُولِهَا فِي هَذَا الْحَيْضِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ شَرْحِ الْمَذْهَبِ فِيهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَنْقَطِعَ لِأَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَّصِلَ الطُّهْرُ الَّذِي بَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الدَّمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>