للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ آخِرَ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ وَدَاوَمَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

ويختار أن يصليها ثمان رَكَعَاتٍ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

وَوَقْتُهَا فِي الِاخْتِيَارِ إِذَا مَضَى مِنَ النَّهَارِ رُبُعُهُ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَعِشَاءِ الْآخِرَةِ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَيَقُولُ: " هَذِهِ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ فَمَنْ صَلَّاهَا غُفِرَ لَهُ " وَكَانَ الصَّالِحُونَ مِنَ السَّلَفِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يُصَلُّونَهَا وَيُسَمُّونَهَا صَلَاةَ الْغَفْلَةِ أَيِّ النَّاسُ غَفَلُوا عَنْهَا وَتَشَاغَلُوا بِالْعَشَاءِ وَالنَّوْمِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُخْتَارٌ، وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا أَفْضَلُ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥] وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ " فَيُخْتَارُ فَضْلُ الدَّوَامِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مُعِينٌ

(الْقَوْلُ فِي قَضَاءِ الْوِتْرِ وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ فَاتَهُ الْوِتْرُ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ لَمْ يَقْضِ "

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْوِتْرُ فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ وَإِنْ فَاتَهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ حَتَّى تُقَامَ الظُّهْرُ لَمْ يَقْضِ، لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: " إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ "

قال الماوردي: وهذا صحيح. أما إذا نَسِيَ الْوِتْرَ وَذَكَرَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيُصَلِّيهَا وَتَكُونُ أَدَاءً لَا قَضَاءً، فَأَمَّا إِذَا نَسِيَ الْوِتْرَ وَذَكَرَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، أَوْ نَسِيَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ثُمَّ ذَكَرَهَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَقَدْ ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي وَنَقَلَهُ فِي الْقَدِيمِ وَذَكَرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عُمُومُهُ عَلَى الْقَضَاءِ بَعْدَ فَوَاتِ الْوَقْتِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ يَقُولُ يَقْضِي ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَجَابَ عَمَّا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ قَوْلِهِ " لَا يُقْضِي بِجَوَابَيْنِ ":

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَصَدَ بِذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى أبي حنيفة حَيْثُ أَوْجَبَ قَضَاءَ الْوِتْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِعَادَةَ الصُّبْحِ وَبَنَى ذَلِكَ عَلَى أَصْلَيْنِ لَهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَهُمَا:

الْأَوَّلُ: إِيجَابُ الْوِتْرِ

والثاني: إيجاب تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ

فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " لَا يَقْضِي " يَعْنِي: وَاجِبًا، فَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الِاخْتِيَارِ وَالِاسْتِحْبَابِ فَيَقْضِي وَلَوْ بَعْدَ نَوْمٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ صَلَاةَ وِتْرٍ، وَرَكْعَتَيْ فَجْرٍ فَهَذَا جَوَابٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>