للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنْ سَهَا خَلْفَ إِمَامِهِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَإِنَّمَا سَقَطَ حُكْمُ سَهْوِهِ خَلْفَ إِمَامِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ " يُرِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - ضُمَنَاءُ السَّهْوِ؛ وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ شَمَّتَ عَاطِسًا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فما فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِسَهْوِهِ، وَلِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ مَسْنُونٌ، وَالْإِمَامُ قَدْ يَتَحَمَّلُ عَنِ المأموم المسنون ألا ترى أن المأمون لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَصَلَّى بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ كَانَتْ لَهُ ثَانِيَةً، ثُمَّ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّشَهُّدِ وَاتِّبَاعُ إِمَامِهِ، وَيَكُونُ الْإِمَامُ قَدْ يَحْمِلُ عَنْهُ التَّشَهُّدَ فَكَذَلِكَ فِي السَّهْوِ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا لَمْ يَحْمِلْ عَنْهُ الْقِيَامَ وَالْقِرَاءَةَ إِذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ ركناً واجباً كان يتحمل السهو أولى

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ سَهَا إِمَامُهُ سَجَدَ مَعَهُ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ

وَهُوَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا سَهَا تَعَلَّقَ سَهْوُهُ بِصَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَلَزِمَهُ السُّجُودُ مَعَهُ

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الإمام ضامن فما صنع فاصنعوا "

قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا "، فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي سُجُودِ الْفَرْضِ وَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَهَا فِي صَلَاةٍ فَسَجَدَ لِسَهْوِهِ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ سَهْوُهُ بِالْإِمَامِ جَازَ أَنْ يُلْحِقَهُ سَهْوَ الْإِمَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ بِالِائْتِمَامِ لَزِمَهُ بِالِائْتِمَامِ مَا لَا يَلْزَمُهُ فِي حَالِ الِانْفِرَادِ، وَهُوَ أَنْ يُدْرِكَهُ سَاجِدًا، وَلِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ مَحْمُولَةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي حُكْمِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ سَهَا خَلْفَ إِمَامِهِ سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ السَّهْوِ لِكَمَالِ صَلَاةِ إِمَامِهِ فَاقْتَضَى أَنْ يَدْخُلَ النَّقْصُ فِي صَلَاتِهِ بِدُخُولِ النَّقْصِ فِي صَلَاةِ إمامه

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ إِمَامُهُ سَجَدَ مِنْ خَلْفِهِ "

وَهَذَا كَمَا قَالَ

إِذَا سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ إِمَّا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا، فَعَلَى الْمَأْمُومِينَ سُجُودُ السَّهْوِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ

وَقَالَ أبو حنيفة: لَا يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ إِذَا لَمْ يَسْجُدِ الْإِمَامُ، وبه قال المزني، وأبو حفص ابن الْوَكِيلِ مِنْ أَصْحَابِنَا

وَاسْتَدَلَّ الْمُزَنِيُّ بِأَنْ قَالَ الْمَأْمُومُ لَمْ يَسْهُ فِي صَلَاتِهِ وَإِنَّمَا سَجَدَ تَبَعًا لِإِمَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدِ الْإِمَامُ سَقَطَ حكم الاتباع

<<  <  ج: ص:  >  >>