وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ غَشِيَهُ سيل، أو غشيته نار، فإن وجد منهما نَجَاةً فَحَالُهُ غَيْرُ مَخُوفَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ منها نجاة فإن أدركه السيل ولحقته النار، فحاله مخوفة لأجل المحاسة.
وفيما قبل إدراك السيل ولفح النَّار قَوْلَانِ: وَكَذَلِكَ مَنْ طَوَّقَتْهُ أَفْعَى فَإِنْ نَهَشَتْهُ فَمَخُوفَةٌ وَقَبْلَ نَهْشَتِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ، إِلَّا أن تكون مِنْ حَيَّاتِ الْمَاءِ الَّتِي قَدْ يَقْتُلُ سُمُّهَا وقيل لا يَقْتُلُ فَلَا تَكُونُ مَخُوفَةً قَوْلًا وَاحِدًا.
وَمِنْ ذلك: أن يقيه في مغارة لا يجد فيهما طَعَامًا وَلَا شَرَابًا فَإِنْ جُوِّزَ أَنْ يَجِدَ الماء إِلَى أَقْصَى مُدَّةٍ يَتَمَاسَكُ فيهَا رَمَقُهُ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ مَا يَمْسِكُ رَمَقَهُ مِنْ حَشِيشٍ أَوْ مَيْتَةٍ إِمَّا بِالْوُصُولِ إِلَى عِمَارَةٍ أو بالحصول على جارة، أو بأن يدركه فَحَالُهُ غَيْرُ مَخُوفَةٍ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.
قال الشافعي رحمه الله تعالى:" وإذا ضَرَبَ الْحَامِلَ الطَّلْقُ فَهُوَ مَخُوفٌ لِأَنَّهُ كَالتَّلَفِ وأشد وجعا، والله تعالى أعلم ".
قال الماوردي: حكي عن مالك: أن الحامل إذا أثقلت بمعنى سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا فَهُوَ مَخُوفٌ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا}[الأعراف: ١٨٩] .
وعندنا أنه ما لم يضر بها الطَّلْقُ فَغَيْرُ مَخُوفٍ، لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِهَا السَّلَامَةُ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالُهَا عِنْدَ ثَقْلِهَا مَخُوفَةً لِأَنَّهَا قَدْ تَؤولُ إِلَى الْخَوْفِ أَنْ يَكُونَ حَالُ الْخَوْفِ مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ.