وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَسْأَلَهُ بِكِنَايَةِ الطَّلَاقِ فَيُجِيبَهَا بِصَرِيحِهِ، كَأَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: أَبِنِّي بِأَلْفٍ، فَقَالَ: قَدْ طَلَّقْتُكِ بِهَا، فَإِنَّهَا تُسْأَلُ عَنْ إِرَادَتِهَا دُونَهُ فَإِنْ أَرَادَتِ الطَّلَاقَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَهُ الْأَلْفُ، لِأَنَّ الصَّرِيحَ أَقْوَى مِنَ الْكِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ تُرِدِ الزَّوْجَةُ بِالْكِنَايَةِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْبَدَلَ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: تَسْأَلُهُ بِكِنَايَةِ الطَّلَاقِ فَيُجِيبُهَا بِالْخُلْعِ كَأَنَّهَا قالت: أبني بألف، فقال لها: قد خالعتك بِهَا فَإِنَّهَا تُسْأَلُ عَنْ إِرَادَتِهَا بِالْكِنَايَةِ فَإِنْ لَمْ تُرِدِ الطَّلَاقَ، فَلَا خُلْعَ، وَإِنْ أَرَادَتِ الطَّلَاقَ فَفِي وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَجْهَانِ إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ كَمَا لَوْ سَأَلَتْهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ فَأَجَابَهَا بِالْخُلْعِ.
وَالْقِسْمُ الْخَامِسُ: أَنْ تَسْأَلَهُ بِالْخُلْعِ فَيُجِيبَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ، كَأَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ، فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ، فَالطَّلَاقُ هَا هُنَا وَاقِعٌ، وَالْأَلْفُ مُسْتَحَقَّةٌ، لِأَنَّهَا سَأَلَتْهُ بِالْخُلْعِ فُرْقَةً لَا يَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ، فَأَجَابَهَا بِالطَّلَاقِ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الْفُرْقَةُ وَيَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ فَصَارَ مَا أَجَابَهَا إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَتْهُ مِنْهُ، وَخَالَفَ سُؤَالَهَا لِلطَّلَاقِ فَيُجِيبُهَا بِالْخُلْعِ، لِأَنَّ الْخُلْعَ انْقَضَى فَلَمْ يَصِرْ مُجِيبًا إِلَى مَا سَأَلَتْ.
وَالْقِسْمُ السَّادِسُ: أَنْ تَسْأَلَهُ بِالْخُلْعِ فَيُجِيبَهَا بِكِنَايَةِ الطَّلَاقِ كَأَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ، فَقَالَ لَهَا: قَدْ أَبَنْتُكِ بِهَا، فَيُسْأَلُ عَنْ إِرَادَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا: أن لا يُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقَ فَيَصِيرَ بِالنِّيَّةِ طَلَاقًا، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَتُسْتَحَقُّ الْأَلْفُ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهَا سَأَلَتْهُ الْخُلْعَ، فَأَجَابَهَا بِالطَّلَاقِ فَيَقَعُ، لِأَنَّهُ أَغْلَظُ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُرِيدَ بِهِ فَسْخَ الْخُلْعِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي فَسْخِ الْخُلْعِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الْفَسْخَ لا يتعلق بالصفة، فيم يَصِحَّ بِالْكِنَايَةِ، فَعَلَى هَذَا لَا فُرْقَةَ وَلَا بَذْلَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيَكُونُ كِنَايَةً فِي الْفَسْخِ، كَمَا كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ سَأَلَتْهُ بِصَرِيحِ الْفَسْخِ فَأَجَابَهَا بِكِنَايَةٍ فَيَكُونُ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ، كَمَا لَوْ سَأَلَتْهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ فَأَجَابَهَا بِكِنَايَةٍ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَن لا يُرِيدَ بِهِ طَلَاقًا وَلَا فَسْخًا فَلَا تَقَعُ بِهِ الْفُرْقَةُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ:)
قَالَ الشافعي: (وَلَوْ قَالَتِ اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفٍ كَانَتْ لَهُ أَلْفٌ مَا لَمْ يَتَنَاكَرَا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute