للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ضيق المال عن نِصْفَيْنِ وَثُلُثٍ: فَلَعَمْرِي إِنَّهُ يَضِيقُ عَنْ ذَلِكَ مع عدم العول، ويتبع لَهُ مَعَ وُجُودِ الْعَوْلِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ يُقَدِّمُ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ فَكُلُّهُمْ مقدم لأمرين:

أحدهما: أنه لَيْسَ يَحْجُبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ عباس حجب بعضهم ببعض.

وَالثَّانِي: أَنَّ فَرْضَ جَمِيعِهِمْ مُقَدَّرٌ وَفِيمَا قَالَهُ ابن عباس إبطال التقدير فَرْضَهُمْ فَثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَيْسَ يُعَالُ لِأَحَدٍ مِنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْجَدِّ إِلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ وَجَدٌّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَلَلْأُخْتِ النِّصْفُ يُعَالُ بِهِ ثُمَّ يُضَمُّ الْجَدُّ سُدُسُهُ إِلَى نِصْفِ الْأُخْتِ فَيُقْسَمَانِ ذَلِكَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ بِنِصْفِهَا وَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ ثَلَاثَةَ أُصُولٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَفْرِضُ لِلْأَخَوَاتِ الْمُنْفَرِدَاتِ مَعَ الْجَدِّ وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا فَرَضَا لِلْأَخَوَاتِ الْمُنْفَرِدَاتِ مَعَ الْجَدِّ وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ فِيمَا تقدم.

والثاني: أنه يُفَضِّلَ أُمًّا عَلَى جَدٍّ، وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا لَا يُفَضِّلَانِ أُمًّا عَلَى جَدٍّ وَقَدْ دَلَّلْنَا عليه.

والثالث: أنه لا يُعِيلَ مَسَائِلَ الْجَدِّ، وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُعِيلُونَ مَسَائِلَ الْجَدِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعُولُ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْجَدَّ يَرِثُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ بِالتَّعْصِيبِ وَمَسَائِلُ الْعَصِبَاتِ لَا تَعُولُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ اجْتِمَاعُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ يَمْنَعُ من عول مسائل الجد فإن انفراد الأخوات مانعا من العول فهذه ثلاثة أصول لزيد عَمِلَ عَلَيْهَا فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ وَلَمْ يُخَالِفْ شَيْئًا مِنْهَا إِلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ فَإِنَّهُ فَارَقَ فِيهَا أَصْلَيْنِ مِنْهَا، وَالْأَكْدَرِيَّةُ هِيَ: زَوْجٌ، وَأُمٌّ، وَأُخْتٌ، وَجَدٌّ، اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقَاوِيلَ.

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ تَابَعَهُ، إنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثَ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسَ، وَتَسْقُطُ الْأُخْتُ، وَقَدْ حَكَى هَذَا الْقَوْلَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ عَنْ زَيْدٍ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسَ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسَ، لِأَنَّهُمَا لَا يُفَضِّلَانِ أُمًّا عَلَى جَدٍّ وَعَالَتْ بِثُلُثِهَا إلى ثمانية.

والقسم الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ للزوج النصف، وللأم

<<  <  ج: ص:  >  >>