للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ تَبِعَهَا فِي التَّدْبِيرِ. وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ لَا يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ وَلِذَلِكَ إِذَا مَاتَتِ الْأُمُّ عَلَى كِتَابَتِهَا لَمْ يَصِرِ الْوَلَدُ مُكَاتَبًا بَعْدَ مَوْتِهَا، فَلِذَلِكَ عَادَ إِلَى الرِّقِّ بِعَوْدِهَا إِلَيْهِ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يُدَبِّرَهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَيَكُونُ حَمْلُهَا تَابِعًا لَهَا فِي التَّدْبِيرِ قَوْلًا وَاحِدًا، كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ. فَإِنِ اسْتَثْنَاهُ فِي التَّدْبِيرِ. فَقَالَ: أَنْتِ مُدَبَّرةٌ دُونَ حَمْلِكِ، صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ إِنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَبَطَلَ إِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَلِدُ إِلَّا حُرًّا، وَلَوْ دَبَّرَ الْحَمْلَ دُونَ أمه، صح تدبيره ولم تَصِرِ الْأُمُّ تَابِعَةً لَهُ فِي التَّدْبِيرِ، لِأَنَّ الْحَمْلَ تَابِعٌ، وَلَيْسَ بِمَتْبُوعٍ وَلَوْ دَبَّرَ الْأُمَّ حَامِلًا وَرَجَعَ فِي تَدْبِيرِهَا وَهِيَ حَامِلٌ، تَبِعَهَا حَمْلُهَا فِي التَّدْبِيرِ وَلَمْ يَتْبَعْهَا فِي الرُّجُوعِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْعِتْقَ يَسْرِي، وَالرِّقَّ لَا يَسْرِي، وَالْعِلْمُ بِكَوْنِهِ حَمْلًا وَقْتَ التَّدْبِيرِ أَنْ تَلِدَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ تَدْبِيرِهِ، فَيُعْلَمُ وَجُودُهُ حَمْلًا وَقْتَ التَّدْبِيرِ. وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ عُلِمَ عَدَمُهُ وَقْتَ التَّدْبِيرِ فَلَمْ يَكُنْ مُدَبَّرا، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَدُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ، فإن كانت مطلقة من زَوْجٍ يُلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، حُكِمَ بِوُجُودِهِ وَتَدْبِيرِهِ اعْتِبَارًا بِالظَّاهِرِ فِي لُحُوقِهِ، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ يَطَأُ، حُمِلَ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ حُدُوثِهِ فَلَمْ يَصِرْ مُدَبَّرا.

فَصْلٌ

وَإِذَا جُعِلَ وَلَدُ الْمُدَبَّرةِ، وَحَمْلُهَا تَبَعًا لَهَا فِي التَّدْبِيرِ جَازَ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَدْبِيرِ الْوَلَدِ وَالْحَمْلِ كَمَا جَازَ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَدْبِيرِهَا فَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ لَهَا وَهِيَ حَامِلٌ: كُلَّمَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَقَدْ رَجَعْتُ فِي تَدْبِيرِهِ، لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ لِعِلَّتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ قَبْلَ خَلْقِهِ لَيْسَ بِمُدَبَّر.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ رُجُوعٌ مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ حَامِلٌ: قَدْ رَجَعْتُ فِي تَدْبِيرِ حَمَلِكِ، صَحَّ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ تَدْبِيرُهُ حَمْلًا صَحَّ الرُّجُوعُ فِيهِ حَمْلًا، وَلَوْ قَالَ: إِذَا وَلَدَتْهُ فَقَدْ رَجَعْتُ فِي تَدْبِيرِهِ لَمْ يَصِحَّ الرُّجُوعُ وَكَانَ عَلَى التَّدْبِيرِ إِذَا وُلِدَ، لِأَنَّهُ رُجُوعٌ مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ، وَتَعْلِيقُهُ بِالصِّفَاتِ لَا يَصِحُّ.

فَصْلٌ

وَإِذَا دَبَّرَ حَمْلَ جَارِيَتِهِ، دُونَهَا، ثُمَّ بَاعَهَا حَامِلًا، فَإِنْ قَصَدَ بِبَيْعِهَا الرُّجُوعَ فِي تَدْبِيرِ حَمْلِهَا صَحَّ الْبَيْعُ، وَبَطَلَ بِهِ تَدْبِيرُ الْحَمْلِ وَإِنْ بَاعَهُ مُطْلَقًا لَمْ يَسْتَثْنِهِ فِي الْبَيْعِ، وَلَا قَصَدَ بِهِ إِبْطَالَ التَّدْبِيرِ فِي الْحَمْلِ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: صَحَّ الْبَيْعُ، لِأَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّر رُجُوعٌ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الرُّجُوعُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ حُكْمَ الْحَمْلِ مُخَالِفٌ لحكم أمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>