للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة:]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَإِنْ أَدْخَلَ فِي دُبُرِهَا حَتَى يُغَيِّبَهُ أَوْ فِي بَهِيمَةٍ أَوْ تَلَوَّطَ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجٍ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ أَتَى بَهِيمَةً فِي أَحَدِ فَرْجَيْهَا، أَوْ تَلَوَّطَ عَامِدًا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ مَعَ مَا ارْتَكَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَقَالَ أبو حنيفة: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقَعُ بِهِ التَّحْصِينُ كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ، هُوَ أَنَّهُ عَمَدَ هتك حرمة الصوم يوطء فِي الْفَرْجِ، فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةُ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ، وَلِأَنَّهُ إِيلَاجٌ يَجِبُ بِهِ الْغَسْلُ فَجَازَ أَنْ تَجِبَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ.

أَصْلُهُ: قُبُلُ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا مَا اعْتَبَرَهُ بِالتَّحْصِينِ فَيَفْسُدُ بِالزِّنَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَلَا يَقَعُ بِهِ التَّحْصِينُ، وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَقُولُ: إِنَّ إِتْيَانَ الْبَهَائِمِ إِذَا قِيلَ لَا حَدَّ فِيهِ فَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ، وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِالْحَدِّ لِأَنَّ وَطْءَ الزَّوْجَةِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَلَا يُوجِبُ الْحَدَّ فَأَمَّا مَنِ اسْتَمْنَى فِي كَفِّهِ عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ وَلَوْ حَكَّ ذَكَرَهُ لِعَارِضٍ فَأَنْزَلَ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهَلْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ أَمْ لَا عَلَى وجهين:

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا عَلَى وَلَدِهِمَا أَفْطَرَتَا وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ وَتَصَدَّقَتْ كُلُّ واحدةٍ مِنْهُمَا عَنْ كُلِّ يومٍ عَلَى مسكينٍ بِمُدٍّ مِنْ حنطةٍ (قال المزني) كيف يكفر من أبيح له الأكل والإفطار ولا يكفر من لم يبح له الأكل فأكل وأفطر وفي القياس أن الحامل كالمريض وكالمسافر وكل يباح له الفطر فهو في القياس سواءٌ واحتج بالخبر " من استقاء عامداً فعليه القضاء ولا كفارة " (قال المزني) ولم يجعل عليه أحدٌ من العلماء علمته فيه كفارةٌ وقد أفطر عامداً وكذا قالوا في الحصاة يبتلعها الصائم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَخْلُو حَالُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ فِي إِفْطَارِهِمَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُفْطِرَا لِخَوْفٍ وَحَاجَةٍ أَمْ لَا فَإِنْ أَفْطَرَتَا بِغَيْرِ خَوْفٍ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى وَلَدِهِمَا وَلَا حَاجَةَ دَعَتْهُمَا إِلَى الْإِفْطَارِ مَاسَّةً فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْمُفْطِرِ عَامِدًا فِي الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ فَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَعَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهَا، وَإِنْ أَفْطَرَتَا لِخَوْفٍ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ عَلَيْهِمَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَأَبْدَانِهِمَا فَلَا شُبْهَةَ فِي جَوَازِ فِطْرِهِمَا، وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا وَلَا كَفَّارَةَ كَالْمَرِيضِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ عَلَى الْوَلَدِ وَالْحَمْلِ دُونَ أَنْفُسِهِمَا فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْفِطْرَ مُبَاحٌ لَهُمَا، فَإِذَا أَفْطَرَتَا فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ، وَمَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>