للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِالرَّقَبَةِ لِغَيْرِهِ، لَمْ يُقَوَّمْ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ إِلَّا الْمَنْفَعَةُ دُونَ الرَّقَبَةِ. كَذَلِكَ إِذَا اسْتَبْقَى الرَّقَبَةَ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ.

وَاعْتِبَارُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: كَمْ قِيمَةُ الْعَبْدِ بِمَنَافِعِهِ فَإِذَا قِيلَ مِائَةُ دِينَارٍ. قِيلَ وَكَمْ قِيمَتَهُ مَسْلُوبَ الْمَنَافِعِ فَإِذَا قِيلَ عِشْرُونَ دِينَارًا عُلِمَ أَنَّ قِيمَةَ مَنَافِعِهِ ثَمَانُونَ دِينَارًا.

فَتَكُونُ هِيَ الْقَدْرَ الْمُعْتَبَرَ مِنَ الثُّلُثِ.

فَعَلَى هَذَا: هَلْ يُحْتَسَبُ الْبَاقِي مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا على الورثة أَمْ لَا؟

عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يُحْتَسُبُ بِهِ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِمْ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ مَا زَالَتْ عَنْهُ الْمَنْفَعَةُ زَالَ عَنْهُ التَّقْوِيمُ.

فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَخَرَجَ الْقَدْرُ الَّذِي اعْتَبَرْنَاهُ مِنَ الثُّلُثِ، صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ، وَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ استخدامه أبدا ما دام حَيًّا، وَأَخْذُ جَمِيعِ أَكْسَابِهِ الْمَأْلُوفَةِ.

وَهَلْ يَمْلِكُ مَا كَانَ غَيْرَ مَأْلُوفٍ مِنْهَا كَاللُّقَطَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحَّهُمَا يَمْلِكُهُ.

وَفِي نَفَقَتِهِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الإصطرخي أنها على الموصى له بالمنفعة، لأن المنفعة تختص بالكسب.

والثاني: وقول أبي علي بن أبي هريرة.

أنها على الْوَرَثَةِ لِوُجُوبِهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لأن كل واحد من مالكي الرقبة والمنفعة.

ولم يَكْمُلْ فِيهِ اسْتِحْقَاقُ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، فَعَدَلَ بِهَا إلى بيت المال، فإذا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ، فَهَلْ تَنْتَقِلُ الْمَنْفَعَةُ إِلَى وَارِثِهِ أَمْ لَا؟ .

عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي إِفْصَاحِهِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تنتقل إلى ورثته لتقومها عَلَى الْأَبَدِ فِي حَقِّهِ.

فَعَلَى هَذَا: تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ، مُقَدَّرَةً بِحَيَاةِ الْعَبْدِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَدِ انْقَطَعَتِ الْوَصِيَّةُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ، لِأَنَّهُ وَصَّى لَهُ فِي عَيْنِهِ بِالْخِدْمَةِ، لَا لِغَيْرِهِ.

فَعَلَى هَذَا: تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مُقَدَّرَةً، بِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ، ثُمَّ تَعُودُ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي.

فَصْلٌ:

وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مَا قُوِّمَتْ بِهِ المنافع كلها من الثلث وخرج بعضها مِنْهُ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْهَا، قَدْرُ مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، مِثْلَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمَنَافِعِ على ما بيناه: ثمانون

<<  <  ج: ص:  >  >>