للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِتَقْدِيمِ الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ أن البائع مدلس وأن المشتري مُعَاوَضٌ فَهُوَ أَنَّ تَدْلِيسَ الْبَائِعِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ مَا لَمْ يُدَلِّسْهُ، وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ لَيْسَ مِنْ تَدْلِيسِهِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ ضَمَانِهِ ومعاوضته الْمُشْتَرِي لَا تُدْفَعُ مِنْ ضَمَانِ مَا نَقَصَ فِي يَدِهِ كَمَا لَا تُدْفَعُ عَنْهُ ضَمَانُ مَا نَقَصَ جِنَايَتُهُ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْمُصَرَّاةِ فَهُوَ أَنَّ نَقْصَ التَّصْرِيَةِ حَدَثَ لِاسْتِعْلَامِ الْعَيْبِ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخَالَفَ مَا سِوَاهُ.

فَصْلٌ:

وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً حَايِلًا فَحَمَلَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا مُتَقَدِّمًا فَإِنْ كَانَ حَمْلُهَا نَقْصًا مُوكِسًا مِنْ ثَمَنِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا وَرَجَعَ بِأَرْشِ عَيْبِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهَا مُنَقِّصًا، فَلَهُ رَدُّهَا بِالْعَيْبِ وَهَلْ لَهُ حَبْسُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا عَلَى قَوْلَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا لِلْوَضْعِ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْحَمْلَ يَتْبَعُ فَإِنْ حَبَسَهَا مُنِعَ مِنَ الرَّدِّ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْأَرْشَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ حَبْسُهَا حَتَّى تَضَعَ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْحَمْلَ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُهُ عَنْ يَدِهِ وَلَوِ اشْتَرَاهَا حَامِلًا فَوَضَعَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا مُتَقَدِّمًا فَإِنْ كَانَتِ الْوِلَادَةُ قَدْ نَقَصَتْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا وَرَجَعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ تُنْقِصْهَا الْوِلَادَةُ رَدَّهَا وَفِي الْوَلَدِ قَوْلَانِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي الْحَمْلِ.

فَصْلٌ:

وَلَوِ اشْتَرَاهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّ الْبَائِعِ فَوُجِدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ رَدُّهَا عَلَيْهِ وَإِنْ حُرِّمَتْ عَلَى الْبَائِعِ بِالرِّضَاعِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ بِهَذَا الرِّضَاعِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي ثَمَنِهَا فِي الْأَسْوَاقِ.

فَصْلٌ:

فَلَوْ كَانَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ بَاعَهَا عَلَى آخَرَ ثُمَّ حَدَثَ بِهَا عِنْدَ الثَّانِي عَيْبٌ وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا مُتَقَدِّمًا فَطَالَبَ بَائِعَهُ فَأَخَذَ مِنْهُ الْأَرْشَ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِمَا دَفَعَ مِنَ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْعَيْبِ الثَّانِي ثُمَّ يُنَاظِرُ البائع الأول عليه فإما قبله بعيبه وإما رضي بِدَفْعِ أَرْشِهِ فَصَارَ اخْتِيَارُ الْبَائِعِ الثَّانِي لِدَفْعِ الْأَرْشِ رِضًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مَعَ الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَعْتَقَهُ ثُمَّ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ الثَّانِي بِأَرْشِ عَيْبِهِ كَانَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِمَا غُرِّمَ مِنْ أَرْشِهِ لِأَنَّ عِتْقَهُ يَمْنَعُ مِنْ قبوله معيبا.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الْعَيْبِ وَمِثْلُهُ يَحْدُثُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ لَقَدْ باعه بريئا من هذا العيب (قال المزني) يحلف بالله ما بعتك هذا العبد وأوصلته إليك وبه هذا العيب لأنه قد يبيعه إياه وهو بريء ثم يصيبه قبل أن يوصله إليه (قال المزني) ينبغي في أصل قوله أن يحلفه لقد أقبضه إياه وما به هذا العيب من قبل أنه يضمن ما حدث عنده قبل دفعه إلى المشتري ويجعل للمشتري رده بما حدث عند

<<  <  ج: ص:  >  >>