للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ عَتَقَتْ حِصَّةُ الْمُدَّعِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، لَمْ يَسْرِ عِتْقُهُ إِلَى حِصَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ عِتْقٌ لَزِمَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَصَارَ كَمَنْ وَرِثَ مِنْ رِقِّ ابْنِهِ سَهْمًا، عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسْرِ إِلَى بَاقِيهِ. وَكَانَ وَلَاءُ مَا عَتَقَ مِنْهُ، مَوْقُوفًا، لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِذَا لَمْ تُعْتَقْ حِصَّةُ الْمُدَّعِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي كَانَتْ مُقَرَّةً عَلَى مِلْكِهِ، وَفِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِاسْتِقْرَار مِلْكِهِ عَلَيْهَا بِإِبْطَالِ السِّرَايَةِ إِلَيْهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِإِقْرَارِهِ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ، فَلَوْ عَادَ الْمُنْكِرُ فَاعْتَرَفَ بِالْعِتْقِ بَعْدَ جُحُودِهِ، عَتَقَ مِلْكَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ سِرَايَةُ عِتْقِهِ إِلَى حِصَّةِ الشَّرِيكِ عَلَى الْأَقَاوِيلِ الثلاثة.

[مسألة]

: قال الشافعي رضي الله عنه: (فَإِنِ ادَّعَى شَرِيكُهُ مِثْلَ ذَلِكَ عَتَقَ الْعَبْدُ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ قَالَ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ إذا لم يعتق نصيب الأول ثم يُعْتَقْ نَصِيبُ الْآخَرِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْتَقُ بِالْأَوَّلِ (قال المزني) قد قطع بِجَوَابِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ صَاحِبَهُ زَعَمَ أَنَّهُ حُرٌّ كله وقد عتق نَصِيبَ الْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ قِيمَتَهُ فَتَفَهَّمْ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ يَضُرُّهُ لَزِمَهُ وَمَنِ ادَّعَى حَقًّا لَمْ يَجِبْ لَهُ وهذا مقر للعبد بعتق نصيبه فيلزمه ومدع على شريكه بقيمة لا تجب له ومن قَوْلِهِ وَجَمِيعُ مَنْ عَرَفْتُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ لو قال لشريكه بعتك نصيبي بثمن وسلمته إِلَيْكَ وَأَنْتَ مُوسِرٌ وَأَنَّكَ قَبَضْتَهُ وَأَعْتَقْتَهُ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْعِتْقِ لِنَصِيبِهِ نَافِذٌ عَلَيْهِ مدع لثمن لا يجب له فهذا وذاك عندي في القياس سواء وهذا يقضي لأحد قوليه على الآخر (قَالَ الْمُزَنِيُّ) وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِذَا أَعْتَقْتَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَأَعْتَقَهُ كان حراً في مال المعتق) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا أَرَادَهُ الشَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهَا أَنْ يَعُودَ الشَّرِيكُ الْمُنْكِرُ، لِمَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِتْقِ، فَيَعْتَرِفُ بِأَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَ، فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ وَتَلْزَمُهُ قِيمَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَيَكُونُ عِتْقُهَا عَلَى الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ:

أَحَدُهَا: يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِاعْتِرَافِهِ، وَتَكُونُ الْقِيمَةُ دَيْنًا، فِي ذِمَّتِهِ، وَلَهُ وَلَاءُ جَمِيعِهِ، وَيَكُونُ عِتْقُهُ فِي الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ مَوْقُوفًا عَلَى دَفْعِ قِيمَتِهِ.

وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْهُمْ إِنَّ مُرَادَ الشَّافِعِيِّ بِهَا أَنْ يَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ، وَهُوَ مُوسِرٌ، فَسَرَى الْعِتْقُ إِلَى نَصِيبِهِ، وَاسْتَحَقَّ بِهِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ، وَيُنْكِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَعْوَى صَاحِبِهِ، فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ مَعَ عَدَمِ البينة، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>