للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَالْجَمْعِ فِي السَّفَرِ)

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِذَا سَافَرَ الرَّجُلُ سَفَرًا يَكُونُ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ ميلاً بالهاشمي فله أن يقصر الصلاة سافر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أميالاً فقصر وقال ابن عباس أقصر إلى جدة وإلى الطائف وعسفان. قال الشافعي وأقرب ذلك إلى مكة ستة وأربعون ميلاً بالهاشمي وسافر ابن عمر إلى ريم فقصر قال مالك وذلك نحو من أربعة برذ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، جُمْلَةُ الْأَسْفَارِ عَلَى أربع أَضْرُبٍ، وَاجِبٌ، وَطَاعَةٌ، وَمُبَاحٌ وَمَعْصِيَةٌ

فَالسَّفَرُ الْوَاجِبُ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْجِهَادِ وَالطَّاعَةِ، وَالسَّفَرِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَزِيَارَةِ الْوَالِدَيْنِ

وَالْمُبَاحُ سَفَرُ التِّجَارَةِ

وَالْمَعْصِيَةُ السَّفَرُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَإِخَافَةِ السُّبُلِ

فَأَمَّا سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ وَلَا يُفْطِرَ، وَالْكَلَامُ فِيهِ يَأْتِي فِيمَا بَعْدُ

وَأَمَّا السَّفَرُ الْوَاجِبُ وَالطَّاعَةُ وَالْمُبَاحُ فَيَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ، وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ: وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ إِلَّا فِي السَّفَرِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالْجِهَادُ، تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] . فَوَرَدَتِ الْآيَةُ بِإِبَاحَةِ الْقَصْرِ بِشَرْطِ الْخَوْفِ مِنَ الْكُفَّارِ، وَقَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ، فَلَمْ يَجُزِ الْقَصْرُ فِي غَيْرِهِ قَالُوا وَلِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْإِتْمَامَ وَاجِبٌ، وَتَرْكُ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ إِلَى غَيْرِ وَاجِبٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إِلَى وَاجِبٍ كَتَرْكِ التَّسَتُّرِ لِلْخِتَانِ، وَهَذَا غَلَطٌ

وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَصْرَ فِي الْخَوْفِ فَمَا بَالُنَا نَقْصُرُ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ؟ فَقَالَ قَدْ عَجِبْتُ مِمَّا قَدْ عَجِبْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>