وَالْقَوْلُ الثَّانِي: ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْقَدِيمِ أَيْضًا إنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِخْرَاجِ رُبُعِ عُشْرِ الْعَرَضِ، وَبَيْنَ إِخْرَاجِ رُبُعِ عُشْرِ الْقِيمَةِ، لِأَنَّ فِي تَخْيِيرِهِ تَوْسِعَةً عَلَيْهِ، وَرِفْقًا بِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، أَنْ يُخْرِجَ رُبُعَ عُشْرِ الْقِيمَةِ حَتْمًا، فَإِنْ أَخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِهِ عَرَضًا لَمْ يُجِزْهُ.
وَوَجْهُ هَذَا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَخَذَ مِنْ حِمَاسٍ " قِيمَةَ مَتَاعِهِ " وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِي قِيمَتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ، فَوَجَبَ أن تخرج الزكاة ما وَجَبَتْ فِيهِ وَهُوَ الْقِيمَةُ لَا مِنْ عَيْنِهِ وسنوضح معاني هذه الأقاويل بما نذكره في التَّفْرِيعِ.
فَصْلٌ
: إِذَا اشْتَرَى مِائَةَ قَفِيزٍ حِنْطَةً بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَحَالَ الْحَوْلُ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ قَفِيزَيْنِ وَنِصْفٍ حنطة، وعلى القول الثاني فهو مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِخْرَاجِ قَفِيزَيْنِ وَنِصْفٍ حِنْطَةً، وَبَيْنَ إِخْرَاجِ سَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَنِصْفٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ سَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَنِصْفٍ لَا غَيْرَ فلو حال الحول وقيمته ثلاث مائة فَلَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهُ حَتَّى زَادَتْ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ أربع مائة، فَالْجَوَابُ عَلَى مَا مَضَى، يُخْرِجُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَفِيزَيْنِ وَنِصْفٍ حِنْطَةً، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَفِيزَيْنِ وَنِصْفٍ أَوْ سَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَنِصْفٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ يُخْرِجُ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفٍ لَا غَيْرَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَادِثَةَ بعد الحول هي في ملكه لاحظ للمساكين فيها، فلو حال الحول وقيمته ثلاث مائة فَلَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهُ حَتَّى نَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَصَارَتْ مِائَتَيْنِ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ كَنُقْصَانِ السِّلْعَةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَكُونُ الْجَوَابُ عَلَى مَا مَضَى، عَلَى الْأَوَّلِ يُخْرِجُ قَفِيزَيْنِ ونصف وَعَلَى الثَّانِي هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَفِيزَيْنِ وَنِصْفٍ وَبَيْنَ سَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَنِصْفٍ، وَعَلَى الثَّالِثِ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ سَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَنِصْفٍ لِأَنَّ النُّقْصَانَ حَادِثٌ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا لَوْ حَدَثَتْ زِيَادَةٌ لَمْ يَجِبْ فِيهَا شَيْءٌ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ لِفَسَادٍ حَصَلَ فِي الْحِنْطَةِ مِنْ بَلَلٍ أَوْ عَفَنٍ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَنْسُوبًا إِلَى فِعْلِهِ وَمُضَافًا إِلَى تَفْرِيطِهِ، فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ النَّقْصِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ قَفِيزَيْنِ وَنِصْفٍ حِنْطَةً مِنْهَا وَدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ لِلنَّقْصِ، فَإِنْ عَدَلَ إِلَى حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ مِثْلَ حِنْطَتِهِ قَبْلَ فَسَادِهَا أَخْرَجَ قَفِيزَيْنِ وَنِصْفًا لَا غَيْرَ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذَا أَوْ سَبْعَةِ دَرَاهِمَ وَنِصْفٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ يُخْرِجُ سبعة دراهم ونصف لا غير.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute