للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَسَعْدَ بْنَ عِبَادَةٍ، فَقَالَا: إِنْ كُنْتَ قَدْ أُمِرْتَ بِشَيْءٍ فَافْعَلْ، وَإِنْ لَمْ تُؤْمَرْ فَمَا تُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ شَاوَرْتُكُمَا فِيهِ ثُمَّ هَزَمَ اللَّهُ الْأَحْزَابَ صَبِيحَةَ اخْتِلَافِهِمْ بَعْدَ حِصَارِ الْمَدِينَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَدِينَةِ مَسْرُورًا فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّالِثِ والعشرين من ذي القعدة

[(فصل: [غزوة بني قريظة] )]

ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَنِي قُرَيْظَةَ؛ لِنَقْضِهِمُ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَطَاعَتِهِمْ لِأَبِي سُفْيَانَ؛ ذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا عَادَ مِنَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ انْهِزَامِ الْأَحْزَابِ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ حِينَ دَخَلَ مَنْزِلَ عَائِشَةَ يُؤْمَرُ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَدَفَعَ لِوَاءَهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَنَادَى فِي النَّاسِ: " لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ " وَكَانَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الثَّالِثَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ الَّذِي انْهَزَمَتْ فِيهِ الْأَحْزَابُ فَتَخَوَّفَ قَوْمٌ فَوَاتَ الصَّلَاةِ، فَصَلَّوْا، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أُمِرْنَا وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ، فَمَا عَنَّفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَسَارَ إِلَيْهِمْ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ، وَغَزَا وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَالْخَيْلُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ فَرَسًا، وَحَاصَرَهُمْ فِي حُصُونِهِمْ أَشَدَّ الْحِصَارِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَكَانُوا سَأَلُوا إِنْفَاذَ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ إِلَيْهِمْ، فلما تقدم شاوروه فِي أَمْرِهِمْ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ، ثُمَّ نَدِمَ فَاسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: حَنِثَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَانْصَرَفَ وَارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَأْتِ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حتى أنزل الله توبته ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَكُتِّفُوا، وَعُزِلُوا عَنِ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ، وَغَنَمَ مَا فِي حُصُونِهِمْ فَوَجَدَ فِيهَا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ سَيْفٍ، وَثَلَاثَمِائَةِ دِرْعٍ وَأَلْفَيْ رُمْحٍ وَأَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ تُرْسٍ فَخَمَّسَ وَوَجَدَ خَمْرًا فَأُهْرِيقَ، وَلَمْ يُخَمّسْ وَوَجَدَ لَهُمْ مَوَاشِيَ كَثِيرَةً وَبِيعَتِ الْأَمْتِعَةُ فِيمَنْ يُرِيدُ وَقُسِّمَتِ الْغَنِيمَةُ بَعْدَ إِخْرَاجِ خُمُسِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ سَهْمًا لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا وَاحِدًا، وَقَسَمَ السَّبْيَ، وَاصْطَفَى مِنْهُ رَيْحَانَةَ بِنْتَ عَمْرٍو لِنَفْسِهِ، وَاجْتَمَعَ الْأَوْسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْأَلُونَهُ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ لِحِلْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ فَحَكَّمَ فِيهِمْ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَكَانَ بِهِ الْجُرْحُ الَّذِي رَمَاهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ فَحَكَمَ سَعْدٌ أن مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ تجر عَلَيْهِ الْمَوَاسِي اسْتُرِقَّ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَتُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَذَا حُكْمُ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ " يعني: سبع سموات، وَحَكَى حُمَيْدٌ أَنَّ مُعَاذًا حَكَمَ أَنْ يَكُونَ الدِّيَارُ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ الْأَنْصَارِ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِخْوَانُنَا كُنَّا مَعَهُمْ، فَقَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَسْتَغْنَوْا عَنْكُمْ، فَلَمَّا حَكَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>