(بَابُ دَعْوَى الدَّمِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ قسامة)
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ أَوْ فِي صَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ فَلَا قَسَامَةَ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ وُجُودَ الْقَتِيلِ فِي مَحَلَّةٍ لَا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ عَلَى أَهْلِهَا أَوْ بَعْضِهِمْ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مُخْتَصَّةً بِأَهْلِهَا مِثْلَ خَيْبَرَ لَا يَخْتَلِطُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ وَلَا يُشْرِكُهُمْ فِيهَا سِوَاهُمْ. فَيَجُوزُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ قَتْلَهُ مِنْهُمْ سَوَاءٌ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا إِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي قَتْلِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيهِ مُنِعَ مِنَ الْقَسَامَةِ عَلَى جَمِيعِهِمْ.
وَقِيلَ: لَهُ: خُصَّ بِالدَّعْوَى مَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَقْسِمْ، فَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْمَحَلَّةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ تَطْرُقُهَا الْمَارَّةُ وَتَدْخُلُهَا السَّابِلَةُ فَلَا قَسَامَةَ فِيهَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا.
فَلَوْ كَانَتْ قَرْيَةً يَدْخُلُهَا غَيْرُ أَهْلِهَا عِنْدَ وُرُودِ الْقَوَافِلِ وَلَا يَدْخُلُهَا غَيْرُهُمْ إِذَا انْقَطَعَتِ الْقَوَافِلُ عَنْهُمْ جَازَتِ الْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْقَوَافِلِ، وَلَمْ تَجِبِ الْقَسَامَةُ مَعَ وُرُودِ الْقَوَافِلِ فَهَذَا شَرْطٌ.
وَالشَّرْطُ الثَّانِي: ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْقَتِيلِ وَأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَوِ الْقَرْيَةِ أَوْ ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْقَتِيلِ وَأَهْلِ الْقَرْيَةِ، فَتَجُوزُ الْقَسَامَةُ مَعَ ظُهُورِ الْعَدَاوَةِ، وَلَا تَجُوزُ مَعَ ارْتِفَاعِ الْعَدَاوَةِ فَإِنِ اصْطَلَحُوا بَعْدَ الْعَدَاوَةِ ثُمَّ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِيهِمْ نُظِرَ حَالُ الصُّلْحِ فَإِنْ تَظَاهَرُوا بِالْحُسْنَى بَعْدَ الصُّلْحِ فَلَا قَسَامَةَ وَإِنْ لَمْ يَتَظَاهَرُوا بِالصُّلْحِ أَقْسَمَ، كَالشَّاهِدِ إِذَا صَالَحَ عَدُوَّهُ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بعد الصلح إذا رأى مَا بَيْنَهُمَا حَسَنًا وَلَا تُقْبَلُ إِنْ لَمْ ير ما بينهما حسناً.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنِ ادَّعَى وَلِيُّهُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَمْ يَحْلِفْ إِلَّا مَنْ أَثْبَتُوهُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانُوا أَلْفًا فَيَحْلِفُونَ يَمِينًا يَمِينًا لِأَنَّهُمْ يَزِيدُونَ عَلَى خمسين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute