للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَوْضُوعَةٌ مِنَ الثَّمَنِ فِي حَقِّ الْفَرِيقَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارَيْنِ فَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُشْتَرِي وحده والله أعلم.

قال المزني رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى شِقْصًا لَهُ فِيهِ شفعةٌ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَعَلَى الْمُنْكِرِ الْيَمِينُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الشَّفِيعُ قَضَيْتُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صُورَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَذَهَبَ الْبَغْدَادِيُّونَ إِلَى أَنَّهَا مُصَوَّرَةٌ فِي شِقْصٍ مُشْتَرَكٍ انْتَقَلَ إِلَى مِلْكِ رَجُلٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ مَالِكُهُ وَالشَّفِيعُ فَقَالَ الشَّفِيعُ ملكته بيع فَلِي شُفْعَتُهُ وَقَالَ الْمَالِكُ مَلَّكْتُهُ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَلَا شُفْعَةَ لَكَ فِيهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ مَالِكِهِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ أَنَّ مَنْ كَانَ الشِّقْصُ فِي مِلْكِهِ صَدَّقَ الشَّفِيعَ عَلَى الِابْتِيَاعِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَمَقَرٌّ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ نُظِرَ فِي جَوَابِهِ لِلشَّفِيعِ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَجَابَهُ عِنْدَ ادِّعَاءِ الشُّفْعَةِ بِأَنْ لَا شُفْعَةَ لَكَ فِيهِ كَانَ جَوَابًا مُقْنِعًا وَأُحْلِفَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ شُفْعَةً وَإِنْ كَانَ قَدْ أَجَابَهُ بِأَنْ قَالَ لَمِ اشْتَرِهِ فَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهِ لِتَكُونَ الْيَمِينُ مُوَافِقَةً لِلْجَوَابِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا شُفْعَةً لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالدَّعْوَى فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنَ الشُّفْعَةِ وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الشَّفِيعِ وَأُحْلِفَ إِنْ كَانَ الْمَالِكُ قَدْ أَنْكَرَهُ الشُّفْعَةَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ فِيهِ بِالشِّرَاءِ الَّذِي ادَّعَاهُ.

وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ قَدْ أَنْكَرَهُ الشِّرَاءَ أُحْلِفَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ لَقَدِ اشْتَرَاهُ وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ فِي يَمِينِهِ وأنه اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ فِيهِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أبي إسحاق المروزي أنه لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ أَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ كَانَ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّ هَذَا مِنْ حُقُوقِ الْمَالِكِ فَلَمَّا لَمْ يُطَالِبْهُ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَازِمٌ لِأَنَّ نَقْلَ الْأَمْلَاكِ لَا تَجُوزُ بِالْأَمْرِ الْمُحْتَمِلِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَفَا بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَإِذَا حَلَفَ عَلَى مَا وَصَفْنَا حُكِمَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَفِي الثَّمَنِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُدْفَعُ إِلَى الْمَالِكِ لِئَلَّا يُؤْخَذَ الشِّقْصُ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ بَدَلٍ.

فَصْلٌ

: وَذَهَبَ الْبَصْرِيُّونَ إِلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِي أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ فِي الشِّقْصِ الْمُشْتَرَكِ قَالَ عِنْدَ ادِّعَاءِ الشُّفْعَةِ عَلَيْهِ: أَنَا وَكِيلُ الْغَائِبِ فِيهِ وَلَمْ أَمْلِكْهُ عَنْهُ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَمْرَيْنِ مِنْ بُدٍّ وَإِنْكَارٍ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنَ الشُّفْعَةِ فِيهِ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الشَّفِيعِ، فَإِنْ حَلَفَ حُكِمَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ بِنَقْلِ مِلْكِهِ إِلَى الشَّفِيعِ وإنما يكون رفعاً لبد الْحَاضِرِ، ثُمَّ فِي الثَّمَنِ وَجْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>