للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِخَادِمِ زَوْجَةِ الْمُتَوَسِّطِ مِثْلَ مَا يَفْرِضُهُ لِزَوْجَةِ الْمُقْتِرِ كَمَا كَانَ فِي الْقُوتِ مِثْلَهَا، وَيَفْرِضُ لِخَادِمِ زَوْجَةِ الْمُقْتِرِ مَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ دُونَهُ كَغَلِيظِ الْكَرَابِيسِ وَثِيَابِ الصُّوفِ، وَإِلَّا سَاوَى بَيْنَهُمَا وَكَانَ الْعُرْفُ فِيهِ شَاهِدًا مُعْتَبَرًا فِي الثِّيَابِ وَالْجِبَابِ.

(الْقَوْلُ فِي حُكْمِ النَّفَقَةِ إِذَا كَانَتْ لَا تُكْفَى الزَّوْجَةُ بِهَا)

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَتْ رَغِيبَةً لَا يُجْزِئْهَا هَذَا دَفَعَ إِلَيْهَا ذَلِكَ وَتَزَيَّدَتْ مِنْ ثَمَنِ أُدْمٍ وَلَحْمٍ وما شاءت في الحب وإن كانت زهيدة تزيدت فيما لا يقوتها من فضل المكيلة وإن كان زوجها موسعاً فرض لها مدان ومن الأدم واللحم ضعف ما وصفت لامرأة المقتر وكذلك في الدهن والمشط ومن كسوة وسط البغدادي والهروي ولين البصرة وما اشبهه ويحشي لها إن كانت ببلاد يحتاج أهلها إليه وقطيفة وسط ولا أعطيها في القوت دراهم فإن شاءت أن تبيعه فتصرفه فيما شاءت صرفته وأجعل لخادمها مداً وثلثا لأن ذلك سعة لمثلها وفي كسوتها الكرباس وغليظ البصري والواسطي وما أشبهه ولا أجاوزه بموسع من كان، ومن كانت امرأته ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الرَّغِيبَةُ فَالْأَكُولَةُ، وَأَمَّا الزَّهِيدَةُ فَالْقَنُوعَةُ، فَإِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ رَغِيبَةً لَا تَكْتَفِي مِنَ الْحَبِّ بِمَا فَرَضَ لَهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِ أُدْمِهَا مَا تَزِيدُهُ فِي الْحَبَّ الَّذِي يَكْفِيهَا كَانَ ذَلِكَ لَهَا فَأَمَّا الْكِسْوَةُ إِذَا أَرَادَتْ بَيْعَهَا وَشِرَاءَ مَا هُوَ أَدْوَنُ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ لِلزَّوْجِ حَقَّ الِاسْتِمْتَاعِ فِي زِينَةِ ثِيَابِهَا فَمُنِعَتْ مِنْ تَغْيِيرِهَا وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي قُوتِهَا فَمُكِّنَتْ مِنْ إِرَادَتِهَا، وَسَوَّى أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفَرْقِ، وَإِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَسْتَبْدِلَ بِجَمِيعِ قُوتِهَا أَوْ تَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ تَهَبَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهَا وَلَمْ تُمْنَعْ إِذَا وَجَدَتْ قُوتَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَكَانَ فِيمَا صَوَّرَهُ الشَّافِعِيُّ مَنْ حَالِ الرَّغِيبَةِ وَالزَّهِيدَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقُوتَ مُقَدَّرٌ بِالشَّرْعِ وَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِالْكِفَايَةِ، وَالثَّانِي أَنَّ لَهَا التَّصَرُّفَ فِيهِ كَيْفَ شَاءَتْ. فَلَوْ أَرَادَتِ الزَّوْجَةُ أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى أَكْلِ ما لا يشبعها وإن كانت تقضي بِهَا شِدَّةُ الْجُوعِ إِلَى مَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ مُنِعَتْ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ اسْتِمْتَاعِ الزَّوْجِ كَمَا تُمْنَعُ مِنْ أَكْلِ مَا يُفْضِي إِلَى تَلَفِهَا مِنَ السُّمُومِ وَإِنْ كَانَ لَا يُفْضِي إِلَى مَرَضِهَا وَكَانَ مُفْضِيًا إِلَى هُزَالِهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي إِجْبَارِهَا عَلَى الِاسْتِحْدَادِ وَمَنْعِهَا مِنْ أَكْلِ مَا يَتَأَذَّى بِرَائِحَتِهِ:

أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَصِلُ مَعَهُ إِلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا.

وَالثَّانِي: لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ وَإِجْبَارُهَا عَلَى أَكْلِ مَا يَحْفَظُ بِهِ جَسَدَهَا وَيَدْفَعُ به

<<  <  ج: ص:  >  >>