للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الْعِدَّةُ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا. فَإِنْ لَمْ تُرَاجَعْ بَنَتْ عَلَى عِدَّةِ الطَّلْقَةِ الْأُولَى وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِانْقِضَاءِ الطُّهْرِ الثَّالِثِ. وَإِنْ رَاجَعَهَا فَإِنْ جَامَعَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ اسْتَأْنَفَ الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ، وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْهَا فَعَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَبْنِي عَلَى عِدَّةِ الطَّلْقَةِ الْأُولَى وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ. فَلَوْ قَالَ لَهَا فِي آخِرِ طُهْرِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ وَاحِدَةٌ ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِ كَلَامِهِ أَوْ مَعَ تَمَامِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِيهِمَا طُهْرٌ مُنْفَصِلٌ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ: تُطَلَّقُ فِيهِ وَتَعْتَدُّ بِهِ قُرْءًا لِوُجُودِ الطَّلَاقِ فِيهِ، وَهَذَا خَطَأٌ، بَلْ لَا يَقَعُ فِيهِ طلاق ولاي يَقَعُ بِهِ اعْتِدَادٌ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ لَا بِأَوَّلِهِ ألا تراه لو قيده بقيمة كَلَامِهِ بِشَرْطٍ كَانَ الطَّلَاقُ مَحْمُولًا عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ وَلَوْ وَقَعَ بِأَوَّلِهِ مَا حُمِلَ عَلَى شَرْطِ آخِرِهِ، وَلَمْ يَجِدْ بَعْدَ تَمَامِ كَلَامِهِ طُهْرًا يَكُونُ قُرْءًا، فَيَكُونُ شَرْطًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَلِذَلِكَ لَمْ تُطَلَّقْ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعٍ:

إِحْدَاهُنَّ: أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتُطَلَّقَ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ طَاهِرًا كَانَتْ أَوْ حَائِضًا. وَقَدْ بَانَتْ بِهَا لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَمَنْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَلَا قُرْءَ لَهَا فَتَجْرِي مَجْرَى طَلَاقِهَا لِلسُّنَّةِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا في الحال. وإن لم تكون لِلسُّنَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا حَتَّى مَضَى لَهَا بَعْدَ الطَّلْقَةِ الْأُولَى طُهْرَانِ انْحَلَّ طَلَاقُهُ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الطَّلْقَتَيْنِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ مُضِيِ الطهرين فعود طَلَاقُهُ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ طَلَاقٍ فِي نِكَاحٍ وُجِدَ شَرْطُهُ فِي غَيْرِهِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَتَقَعَ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّ الْحَمْلَ قُرْءٌ مُعْتَدٌّ بِهِ وَتَكُونُ طَلْقَةً لَا سُنَّةَ فِيهَا وَلَا بِدْعَةَ، فَلَوْ كَانَتْ تَحِيضُ عَلَى حَمْلِهَا لَمْ تُطَلَّقْ فِي الْأَطْهَارِ الَّتِي بَيْنَ حَيْضِهَا سِوَى الطَّلْقَةِ الَّتِي وَقَعَتْ بِحَمْلِهَا، سَوَاءٌ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْحَيْضِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَيْضًا فَلَيْسَتْ أَطْهَارُهُ أَقْرَاءً يُعْتَدُّ بِهَا، وَإِذَا لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا وَاحِدَةً بِالْحَمْلِ فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى وَضَعَتْ فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَبَانَتْ، فَإِنِ اسْتَأْنَفَ نِكَاحَهَا بَعْدَ مُضِيِ طُهْرَيْنِ مِنْ حَمْلِهَا لَمْ يَعُدْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ، وَإِنِ اسْتَأْنَفَهُ قَبْلَ مُضِيِ الطُّهْرَيْنِ فَفِي عَوْدِ طَلَاقِهِ قَوْلَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

وَإِنْ رَاجَعَهَا قَبْلَ وَضْعِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ بَعْدَ نِفَاسِهَا طُلِّقَتْ ثَانِيَةً، فَإِذَا حَاضَتْ وَدَخَلَتْ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي طُلِّقَتْ ثَالِثَةً، فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعِ اعْتَدَّتْ مِنَ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ رَاجَعَ وَوَطِئَ اعْتَدَّتْ مِنَ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ، وَإِنَّ رَاجَعَ وَلَمْ يَطَأْ فَعَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>