وَدَلِيلُنَا عَلَيْهِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ) وَلِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي حَرَامٌ، وَالْوَطْءُ الْمُحَرَّمُ لَا يُفْسِدُ نِكَاحًا صَحِيحًا، وَلَا يُصَحِّحُ نِكَاحًا فَاسِدًا، وَلِأَنَّهُمَا قَدِ اسْتَوَيَا فِي الْوَطْءِ، وَفُضِّلَ الْأَوَّلُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَبِمَذْهَبِنَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبِمَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهِيَ أَحَدُ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا عُمَرُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَالْقِيَاسُ فِيهَا مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا زَوْجَةُ الْأَوَّلِ بَعْدَ ثُبُوتِ رَجْعَتِهِ لَمْ يَخْلُ حَالُ الثَّانِي مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ. فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَتَحِلُّ أَصَابَتُهَا لِلْأَوَّلِ فِي الْحَالِ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْعِدَّةُ مِنْ إِصَابَتِهِ وَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا دُونَ الْمُسَمَّى، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا من الثاني؛ لأنها معتدة في غَيْرِهِ، وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ لِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ لِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا، وَلَا عَلَى الثَّانِي لِفَسَادِ نِكَاحِهَا فَإِنْ قَضَتْ عِدَّتَهَا مِنَ الثاني عادة إِلَى إِبَاحَةِ الْأَوَّلِ.
(فَصْلٌ:)
وَإِنْ عُدِمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجْعَتِهِ فَدَعَوَاهُ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الزَّوْجَةِ وَعَلَى الزَّوْجِ الثَّانِي، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا خَصْمٌ لَهُ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُدَّعَاةٌ، وَالزَّوْجَ الثَّانِي مُتَمَلِّكٌ، فلذلك صار فِيهَا خَصْمَيْنِ لِلْأَوَّلِ، فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ عَلَيْهِمَا فَلَهُمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُصَدِّقَاهُ عَلَى الرَّجْعَةِ فَيَبْطُلَ نِكَاحُ الثَّانِي.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ، وَعَادَتْ إِلَى الْأَوَّلِ بِنِكَاحِهِ الْأَوَّلِ، وَحَلَّ له وطئها فِي الْحَالِ.
وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي نُظِرَ فَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالرَّجْعَةِ فَهُمَا زَانِيَانِ، وَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهِ وَهِيَ حَلَالٌ لِلْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ وَلَوْ تَوَقَّفَ عَنْ إِصَابَتِهَا إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ فَلَا حَرَجَ كَمَا لَوْ زَنَتْ تَحْتَهُ، وَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ بِالرَّجْعَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا لِلشُّبْهَةِ، وَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنَ الثَّانِي، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي زَمَانِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ نُظِرَ فِيهِ، وَكَانَتْ حَالُهُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُمْكِنَ لُحُوقُهُ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِوِلَادَتِهِ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فِي طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ إِصَابَةِ الثَّانِي فَهَذَا لَاحِقٌ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، فَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا مِنَ الثَّانِي وَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ مِنْ إِصَابَتِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُمْكِنَ لُحُوقُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ لِوِلَادَتِهِ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ، وَأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ إِصَابَةِ الثَّانِي فَهَذَا لَاحِقٌ بالثاني وتنقضي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute