للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَنَّ إِمَامًا مُسَافِرًا أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ يَنْوِي الْقَصْرَ فَصَلَّى أَرْبَعًا سَاهِيًا لَزِمَهُ سُجُودُ السَّهْوِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الزَّائِدِ فِي صَلَاتِهِ، وَلَوْ ذَكَرَ سَهْوَهُ وَهُوَ فِي الثَّالِثَةِ عَادَ جَالِسًا وَتَشَهَّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا مَنْ خَلْفَهُ مِنَ الْمَأْمُومِينَ فَعَلَيْهِمُ اتِّبَاعُهُ إِذَا قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ مَا لَمْ يَعْلَمُوا بِخِلَافِ قِيَامِهِ إِلَى الْخَامِسَةِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قِيَامِهِ إِلَى الثَّالِثَةِ أنه أحدث فيه الإتمام، فإن علموا أنه قام ساهياً غيرنا وإتمام صَلَاتِهِ لَمْ يَتْبَعُوهُ، فَإِنْ تَبِعُوهُ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَصَلَاتُهُمْ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانُوا مُسَافِرِينَ فَرْضُهُمْ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ مُقِيمِينَ فَرْضُهُمْ أَرْبَعًا وَصَارُوا فِي اتِّبَاعِهِمْ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ كَاتِّبَاعِهِمْ لَهُ لَوْ قام إلى الخامسة

[(مسألة)]

: قال المزني: " سمعت الشافعي رحمه الله يقول إذا كانت سجدتا السهو بعد التسليم تَشَهَّدَ لَهُمَا وَإِذَا كَانَتَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَجْزَأَهُ التشهد الأول (قال الشافعي) فإذا تكلم عامداً بطلت صلاته وإن تكلم ساهياً بنى وسجد للسهو لأن أبا هريرة رضي الله عنه روى عن رسول الله أنه تكلم بالمدينة ساهياً فبنى وكان ذلك دليلاً على ما روى ابن مسعود من نهيه عن الكلام في الصلاة بمكة لما قدم من أرض الحبشة وذلك قبل الهجرة وأن ذلك على العمد (قال الشافعي) وأحب سجود الشكر ويسجد الراكب إيماء والماشي على الأرض ويرفع يديه حذو منكبيه إذا كبر ولا يسجد إلا طاهراً (قال المزني) وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه رأى نغاشاً فسجد شكراً لله وسجد أبو بكر حين بلغه فتح اليمامة شكراً (قال المزني) النغاش الناقص الخلق "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا صَحِيحٌ، لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ إِنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ أَجْزَأَهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ، فَأَمَّا إِنْ سَجَدَ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ بَعْدَ سُجُودِهِ وَيُسَلِّمُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَرَى سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، أَوْ كَانَ يَرَاهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَأَخَّرَهُ سَاهِيًا

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنْ كَانَ يَرَى سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ يَرَاهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَأَخَّرَهُ سَاهِيًا لَمْ يَتَشَهَّدْ وَلَمْ يُسَلِّمْ، بَلْ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لَا غَيْرَ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِرِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سلم فِي ثَلَاثٍ مِنَ الْعَصْرِ نَاسِيًا حَتَى أَخْبَرَهُ " الْخِرْبَاقُ " فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَسَلَّمَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَتَشَهَّدَ، ثُمَ يُسَلِّمُ، وَلِأَنَّ مِنْ حُكْمِ سُجُودِ السَّهْوِ أَنْ يَكُونَ بِتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ فَوَجَبَ أَنْ يَصِلَهُ بِذَلِكَ إِذَا فَعَلَهُ بَعْدَ السَّلَامِ، فَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ مَضَى حُكْمُهُ، وَأَمَّا سُجُودُ الشُّكْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>