للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوِ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ، فَإِنْ كَانَ يُسَاوِي مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَلَا يُسَاوِي الْمِائَةَ لَمْ يَلْزَمِ الْمُوَكِّلَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ يُسَاوِي مِائَةً. فَإِنْ كَانَ يُسَاوِي الْمِائَةَ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَهُ بِالْمِائَةِ كَانَ بِمَا دُونَهَا أَلْزَمَ لَهُ.

فَلَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمِائَةٍ فَاشْتَرَى لَهُ عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ. فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَبْدَيْنِ لَا يُسَاوِي مِائَةً فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ للموكل. وإن كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَاوِي مِائَةً فَفِيهِ قَوْلَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ شِرَاءَ الْعَبْدَيْنِ بِالْمِائَةِ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْمِائَةِ كَانَ بِهِمَا أَرْضَى. وَلِحَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ حَيْثُ وَكَّلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُوَكِّلَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُمَا بِالْمِائَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا بِقِسْطِ ثَمَنِهِ مِنَ الْمِائَةِ لِأَنْ لَا يَلْتَزِمَ بِمِلْكِ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ.

فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ يُسَاوِي مِائَةً وَالْآخَرُ يُسَاوِي أَقَلَّ. فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ يَأْخُذُهُمَا جَمِيعًا بِالْمِائَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُمَا بِالْمِائَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ الَّذِي يُسَاوِي الْمِائَةَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ.

فَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُسَاوِي مِائَةً فَالشِّرَاءُ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمُوَكِّلِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال المزني رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِقَبْضِهِ مِنْكَ فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَهُ وَتَلِفَ وَأَنْكَرَ رَبُّ الْحَقِّ أَنْ يَكُونَ وَكَّلَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِذَا أُغْرِمَ الدَّافِعُ لَمْ يَرْجِعِ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ وَكِيلٌ بَرِيءٌ وَإِنْ أُغْرِمَ الْقَابِضُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الدَّافِعِ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أنه مظلوم بريء ".

قال الماوردي: وصورتها في من غَابَ وَلَهُ مَالٌ عَلَى رَجُلٍ أَوْ فِي يَدِهِ فَحَضَرَ رَجُلٌ ادَّعَى وَكَالَةَ الْغَائِبِ فِي قَبْضِ مَالِهِ. فَإِنْ أَقَامَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فِي الْوَكَالَةِ بَيِّنَةً عَادِلَةً حُكِمَ بِهَا. وَالْبَيِّنَةُ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا ابْنُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لِأَبِيهِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهِمَا ابْنُ مِنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لِأَبِيهِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِ الْحَقِّ بِهَذَا الدَّفْعِ. وَلَكِنْ لَوْ كَانَ فِيهِمَا ابْنُ صَاحِبِ الْحَقِّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى أَبِيهِ لَا لَهُ.

فَإِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالْوَكَالَةِ أَجْبَرَ الْحَاكِمُ مِنْ عَلَيْهِ الْمَالُ عَلَى دَفْعِهِ إِلَى الْوَكِيلِ. لِأَنَّ لصاحب الحق أن يستوفيه بنفسه إن شاءه أو بوكيله إن شاءا وليس لمن هو عليه أن يمتنع في تَسْلِيمِهِ إِلَى وَكِيلِ مَالِكِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>