للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَصَبَاتِ الْمَوْلَى الْمُعْتِقِ أَوْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِمَوْتِ الْمَوْلَى الْمُعْتِقِ، فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ؟ ، فَمَذْهَبُ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

وَمِنَ التَّابِعِينَ: الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيٌّ، وَالشَّعْبِيٌّ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: الشَّافِعِيّ وَأَبي حَنِيفَةَ، وَمَالِك، وَدَاوُد، أَنَّ الْوَلَاءَ يَسْتَحِقُّهُ الْكِبَرُ اعْتِبَارًا بِمَوْتِ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ، فَيَكُونُ وَلَاءُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لِابْنِ الْمَوْلَى دُونَ ابْنَيِ ابْنِهِ.

وَحُكِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَعَنْ شُرَيْحٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّ وَلَاءَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مَوْرُوثٌ يَسْتَحِقُّهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، اعْتِبَارًا بِمَوْتِ الْمَوْلَى الْمُعْتِقِ، فَيَكُونُ لِابْنِ الْمَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُلُثُ وَلَائِهِ، وَلِابْنَيِ ابْنِهِ ثُلُثَاهُ، وَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ تَوْرِيثِ الْكِبَرِ أَصَحُّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يُتَصَدَّقُ بِهِ) . يَعْنِي لَا يُورَثُ مِيرَاثَ الْمَالِ. وَلِرِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: (المولى أَخٍ فِي الدِّينِ وَنِعْمَةٍ يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِالْمُعْتِقِ) وَلِأَنَّ الْكِبَرَ أَقْرَبُ، فَكَانَ بِالْمِيرَاثِ أَحَقَّ كَالنَّسَبِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمِيرَاثُ بَالنَّسَبِ مُعْتَبَرًا بِمَوْتِ الْمَوْرُوثِ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ.

فَصْلٌ

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا أَنْ يَعْتِقَ الرَّجُلُ عَبْدًا، وَيَمُوتُ، فَيُخَلِّفُ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَيَمُوتُ أَحَدُ الْبَنِينَ وَيَخَلِّفُ ابْنًا وَيَمُوتُ آخَرُ، وَيُخَلِّفُ ابْنَيْنِ وَيَمُوتُ الْآخَرُ، وَيُخَلِّفُ ثَلَاثَةَ بَنِينَ ثُمَّ يَمُوتُ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ، فَعَلَى مَذْهَبِنَا فِي تَوْرِيثِ الْكِبَرِ يَكُونُ مِيرَاثُهُ بِالْوَلَاءِ بَيْنَ بَنِي الْمَوْلَى عَلَى أعداد رؤوسهم مَقْسُومًا عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْوَلَاءَ مَوْرُوثًا يُعْطِيهِمْ سِهَامَ آبَائِهِمْ، فَيَجْعَلُ الثُّلُثَ لِابْنِ الِابْنِ، وَالثُّلُثَ لِابْنَيِ الِابْنِ الْآخَرِ، وَالثُّلُثَ لِثَلَاثَةِ بَنِي الِابْنِ الْآخَرِ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَلَوِ اشْتَرَكَ أَبٌ وَابْنٌ فِي عِتْقِ عَبْدٍ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَخَلَّفَ ابْنًا آخَرَ، وَمَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ، كَانَ لِلِابْنِ الْمُعْتِقِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَلَائِهِ، النِّصْفُ مِنْهُ بِمُبَاشَرَةِ عِتْقِهِ، وَالرُّبْعُ بِمِيرَاثِهِ عَنْ أَبِيهِ، وَلِلِابْنِ الَّذِي لَيْسَ بِمُعْتِقٍ رُبْعُ وَلَائِهِ بِمِيرَاثِهِ عَنْ أَبِيهِ.

فَلَوْ مَاتَ الِابْنُ الْمُعْتِقُ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ، وَتَرَكَ ابْنًا وَأَخَاهُ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ كَانَ لِأَخِيهِ نِصْفُ وَلَائِهِ، وَلِابْنِهِ نِصْفُ وَلَائِهِ اعْتِبَارًا بِالْكِبَرِ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْوَلَاءِ مَوْرُوثًا جَعَلَ لِلْأَخِ رُبْعَ وَلَائِهِ، وَلِلِابْنِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ.

وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا، وَمَاتَ، وَخَلَّفَ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَخًا لِأَبٍ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ، فَفِي مُسْتَحِقِّ وَلَائِهِ قَوْلَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>