حَيْثُ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لِمَا بَقِيَ فِيهَا مِنْ زَرْعِ الْمُفْلِسِ وَبَيْنَ الْمُؤَاجِرِ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ لِمَا يُسْتَبْقَى فِيهَا مِنْ زَرْعِ الْمُفْلِسِ وَهُوَ أَنَّ رَقَبَةَ الْأَرْضِ فِي الْمَبِيعِ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْعَقْدِ وَالْمُشْتَرِي غَيْرُ مُعَاوِضٍ عَلَى مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الرَّقَبَةَ فَقَدْ وَصَلَ إِلَى حَقِّهِ الَّذِي عَارَضَ وَإِنِ اسْتَحَقَّتِ الْمَنْفَعَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا وَفَسْخُ الْعَقْدِ بِالْفَلَسِ يُوجِبُ اسْتِرْجَاعَهَا فَقَدْ صَحَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَهَذَا الْحُكْمُ فِي الزَّرْعِ: إِذَا اتَّفَقَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى تَرْكِهِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَدْعُوَ الْمُفْلِسُ إِلَى تَرْكِهِ إِلَى وقت الحصاد ليتوفر عليهم ثمنه ويدعوا الْغُرَمَاءُ إِلَى قَلْعِهِ فِي الْحَالِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغُرَمَاءِ فِي تَعْجِيلِ قَلْعِهِ فِي الْحَالِ وَبَيْعُهُ فِي حُقُوقِهِمْ، لِأَنَّ دُيُونَهُمْ مُعَجَّلَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُمْ تَأْخِيرُهَا وَلِأَنَّ فِي اسْتِبْقَاءِ الزَّرْعِ خَطَرًا لِحُدُوثِ الْجَائِحَةِ بِهِ.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَدْعُوَ الْمُفْلِسُ إِلَى قَلْعِهِ فِي الْحَالِ لِيَتَعَجَّلَ قَضَاءَ دَيْنِهِ وَيَدْعُوَ الْغُرَمَاءُ إِلَى اسْتِبْقَائِهِ إِلَى وَقْتِ حَصَادِهِ لِوُفُورِ ثَمَنِهِ فَالْقَوْلُ فِي تَعْجِيلِ قَلْعِهِ قَوْلُ الْمُفْلِسِ، لِأَنَّ ذِمَّتَهُ مُرْتَهِنَةٌ بِدَيْنٍ يَقْدِرُ عَلَى تَعْجِيلِ قَضَائِهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ تَأْخِيرُهُ وَلِمَا يُخَافُ عَلَى الزَّرْعِ مِنْ حُدُوثِ الْجَائِحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ السَّقْيِ قِيلَ لِلْغُرَمَاءِ إِنْ تَطَوَّعْتُمْ بِأَنْ تُنْفِقُوا عَلَيْهِ حَتَى يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ فَتَأْخَذُوا نَفَقَتَكُمْ مَعَ مَالِكُمْ بِأَنْ يرضاه صاحب الزرع وإن لم تشاؤوا وَشِئْتُمُ الْبَيْعَ فَبِيعُوهُ بِحَالِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا اتَّفَقَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى تَرْكِ الزَّرْعِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَكَانَ الزَّرْعُ يَحْتَاجُ إِلَى سَقْيٍ وَمُؤْنَةٍ فَإِنْ لَمْ تُوجَدِ النَّفَقَةُ - وَلَا وُجِدَ مَنْ يَبْذُلُهَا فَلَا مَعْنَى لِاسْتِيفَاءِ الزَّرْعِ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَى السَّقْيِ الْمُعْوَزِّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَلَفِهِ عَلَى الْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ وَإِنْ وُجِدَ مَنْ يَبْذُلُ لَهُمْ نَفَقَةَ بَعْضِ السَّقْيِ ومؤونة الزَّرْعِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ أَنْفَقَ وَكَانَ الزَّرْعُ مُقَرًّا ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُ الْمُنْفِقِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُنْفِقَ بِأَمْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرٍ فَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرٍ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِمَا أَنْفَقَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ أَنْفَقَ بِأَمْرٍ فَلِلْآمِرِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُفْلِسُ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْغُرَمَاءُ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ فَإِنْ كَانَ الْمُنْفِقُ قَدْ أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَلَهُ الرُّجُوعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute