للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَالِثُهَا: رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرَّ بقبرٍ دُفِنَ حَدِيثًا فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا فَقِيلَ لِلشَّعْبِيِّ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ فَقَالَ مِنَ الثِّقَةِ مِمَّنْ شَهِدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ.

وَرَابِعُهَا: رِوَايَةُ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا.

وَخَامِسُهَا: رِوَايَةُ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على قبر حدث بعد بعد ثلاث.

وسادسها: رواية الشعبي عن الن عباس أنه صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ شَهْرٍ فَكَانَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثابتة بِذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ، فَمَنْ أَنْكَرَهَا كَانَ مُبَاهِتًا، وَلِأَنَّهُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْمَيِّتِ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْقَبْرِ مَا لَمْ يُبْلَ، كَالْوَلِيِّ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ، فَالْمَقْصُودُ بِهِ بَيَانُ الطَّهَارَةِ لِلْمَكَانِ.

وَأَمَّا رِوَايَتُهُمْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ، فَغَيْرُ ثَابِتٍ بوجه، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنَ الِافْتِتَانِ بِقَبْرِهِ، وَأَنْ يُؤَدِّيَهُمْ تَعْظِيمُهُ إِلَى عِبَادَتِهِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَالصَّحِيحُ مِنْ مَذَاهِبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا قَبْرُ غَيْرِهِ فَأَصَحُّ مَذَاهِبِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَصِرْ رَمِيمًا، وَقِيلَ بَلْ يُصَلِّي عَلَيْهِ مَنْ عَاصَرَهُ وَقِيلَ بَلْ يُصَلِّي عَلَيْهِ أَبَدًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ التَّنَفُّلَ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ، فَيَفْسُدُ بِصَلَاةِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ، ثُمَّ لم تكن ممنوعة.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يُدْخِلُ الْمَيِّتَ قَبْرَهُ إِلَّا الرِّجَالُ مَا كَانُوا مَوْجُودِينَ وَيُدْخِلُهُ مِنْهُمْ أَفْقَهُهُمْ وَأَقْرَبُهُمْ بِهِ رحماً ويدخل المرأة زوجها وأقربهم بها رحما ويستر عليها بثوب إذا أنزلت القبر (قال الشافعي) وأحب أن يكونوا وتراً ثلاثة أو خمسة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّى إِدْخَالَ الْمَيِّتِ قَبْرَهُ إِلَّا الرِّجَالُ رَجُلًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوِ امْرَأَةً، لِأَنَّ الرِّجَالَ بِذَلِكَ أَعْرَفُ وَعَلَيْهِ أَقْدَرُ، وَتَنَزُّلَهُمْ فِيهِ أَهْوَنُ وَقَرَابَاتِ الْمَيِّتِ وَأَهْلَ رَحِمِهِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْأَجَانِبِ، كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي النَّسَبِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُدِّمَ أَفْقَهُهُمْ، يُرِيدُ أَعْلَمَهُمْ بِإِدْخَالِهِ الْقَبْرَ، وَلَيْسَ يُرِيدُ أَعْلَمَهُمْ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَوَلَّى إِدْخَالَهَا الْقَبْرَ زَوْجُهَا، ثُمَّ أَبُوهَا وَهَذَا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>