وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا: لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ التَّشَهُّدِ، بَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، لِأَنَّ أُصُولَ الصَّلَاةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاعْتِدَادِ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ السَّهْوِ وَتَرَكَ إِعَادَتَهُ كَالسُّجُودِ وَغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ
(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا إِذَا صَلَّى نَافِلَةً فَقَامَ إِلَى ثَالِثَةٍ نَاسِيًا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا، وَيَجُوزَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الثَّانِيَةِ وَيَجُوزَ أَنْ يُكْمِلَ الثَّالِثَةَ، وَيُسَلِّمَ وَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ سَجَدَ مَعَهُ سُجُودَ السَّهْوِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَمْضِيَ فِي الثَّالِثَةِ وَيَرْجِعَ إِلَى الثَّانِيَةِ وَيسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَيُسَلِّمُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، أَوْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وَاخْتَارَ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا
وقال آخرون: إن كانت صلاة فَالْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةَ لَيْلٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَعُودَ إِلَى الثَّانِيَةِ
(مَسْأَلَةٌ)
: قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ نَسِيَ الْجُلُوسَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَذَكَرَ فِي ارْتِفَاعِهِ وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْجُلُوسِ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ فَإِنَّهُ يَمْضِي "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا وَقَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ ثُمَّ ذَكَرَهُ نَظَرَ فِي حَالِهِ، فَإِنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ انْتِصَابِهِ عَادَ فَأَتَى بِهِ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ سَلَامِهِ، وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ انْتِصَابِهِ مَضَى فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: يَعُودُ إِلَيْهِ فِي الْحَالَتَيْنِ
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَعُودُ إِلَيْهِ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَصَحُّ؛ لِرِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الثَّانِيَةِ إِلَى الثَّالِثَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَجْلِسْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا رَجَعَ وَجَلَسَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنِ اسْتَوَى قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ "، وَلِأَنَّهُ إِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا فَقَدْ حَصَلَ فِي فَرْضٍ فَلَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ لِمَسْنُونٍ وَمَا لَمْ يَعْتَدِلْ فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي فَرْضٍ فجاز له الرجوع إلى المسنون
[(فصل)]
: فإن صح أنه يعود إليه قبل انتصاب وَلَا يَعُودُ إِلَيْهِ بَعْدَ انْتِصَابِهِ فَانْتَصَبَ قَائِمًا ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا فَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَامِدًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ