للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: وَأَمَّا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ فَلَفْظَانِ التَّحْرِيمُ وَالتَّأْبِيدُ، فَإِذَا قَالَ حَرَّمْتُهَا أَوْ أَبَدْتُهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً لِاحْتِمَالِهِ أَنْ يُرِيدَ بِتَحْرِيمِ الْوَقْفِ أَوْ يُرِيدَ تَحْرِيمَ التَّصَرُّفِ.

والوجه الثاني: يكون صريح، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَقْفُ مِنَ الصَّرِيحِ.

فَصْلٌ

: وَقْفُ الْمُشَاعِ يَجُوزُ وَقَالَ محمد بن الحسن لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّ رَهْنَهُ وَإِحَازَتَهُ لَا تَجُوزُ.

وَدَلِيلُنَا: مَا رُوِيَ أن عمر رضي الله عنه ملك مائة سهمٍ مِنْ خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ " فَوَقَفَهَا بِأَمْرِهِ وَكَانَتْ مُشَاعًا، وَلِأَنَّ مَا صَحَّ بَيْعُهُ مِنْ ذَوَاتِ الْمَنَافِعِ الْبَاقِيَةِ صَحَّ وَقْفُهُ كَالْمَحُوزِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحَّ آخِرُهُ وَالْمُشَاعُ كَالْبَيْعِ.

فَصْلٌ

: وَقْفُ الدِّرْهَمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا يَجُوزُ وَقْفُهَا لِاسْتِهْلَاكِهَا فَكَانَتْ كَالطَّعَامِ وَرَوَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ جَوَاز وَقْفِهَا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى وَقْفِهَا عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِمَنَافِعِهَا لَا لِاسْتِهْلَاكِهَا بِأَعْيَانِهَا فَكَأَنَّهُ أَرَادَ وَقْفَ الْمَنَافِعِ وَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ وَقَفَهَا لِلْإِجَارَةِ وَالِانْتِفَاعِ الْبَاقِي فَعَلَى وَجْهَيْنِ كَمَا قُلْنَا فِي الْإِجَارَةِ.

وَأَمَّا وَقْفُ الْحُلِيِّ فَجَائِزٌ لَا يَخْتَلِفُ لِجَوَازِ إِجَارَتِهِ أَوْ مَكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ.

فَصْلٌ

: أَرْضُ الْخَرَاجِ ضَرْبَانِ:

أحدهما: أن تكون مملوكة الدوار فَيَكُونُ خَرَاجُهَا جِزْيَةً تَسْقُطُ عَنْهَا بِالْإِسْلَامِ وَيَجُوزُ وَقْفُهَا لِكَوْنِهَا مِلْكًا تَامًّا لِوَقْفِهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَمْلُوكَةِ الدوارِ كَأَرْضِ السَّوَادِ فَخَرَاجُهَا أُجْرَةٌ وَوَقْفُهَا لَا يَجُوزُ وَأَجَازَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا، وَهُوَ أَصْلُنَا فِي الْمَنْعِ مِنْ وَقْفِهَا، أَوْ لَا يجوز عندنا بيعها.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إِلَّا إِلَى مَالِكِ منفعةٍ يَوْمَ يُخْرِجُهَا إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُسْبِلْهَا عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً أَبَدًا فَإِذَا انْقَرَضَ الْمُتَصَدِّقُ بِهَا عَلَيْهِ كَانَتْ مُحَرَّمَةً أَبَدًا وَرَدَدْنَاهَا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا يَوْمَ تَرْجِعُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْوَقْفَ مُلْحَقٌ بِالْهِبَاتِ فِي أَصْلِهِ، وَبِالْوَصَايَا فِي فَرْعِهِ، وَلَيْسَ كَالْهِبَاتِ الْمَحْضَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِيهَا مَنْ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَلَا كَالْوَصَايَا، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أَصْلٍ مَوْجُودة، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ صِحَّةَ الْوَقْفِ مَنْ يَجُوزُ وَقْفُهُ وَمَا يَجُوزُ وَقْفُهُ مُعْتَبَرٌ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ السَّبِيلِ، لِيُعْلَمَ مَصْرِفُهُ وَجِهَةُ اسْتِحْقَاقِهِ فَإِنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>