للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضَّامِنِ وَثِيقَةٌ فِي الْحَقِّ كُلِّهِ وَفِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ وثيقة في الحق كله وفي كل جزء مِنْ أَجْزَائِهِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنَ الْمَبِيعِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا:

أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْمَبِيعِ عِوَضٌ عَنْهُ وَالْعِوَضُ عَنْ جَمِيعِ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ عِوَضًا عَنْ بَعْضِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِوَضٍ وَإِنَّمَا هُوَ وَثِيقَةٌ، وَالْوَثِيقَةُ فِي الشَّيْءِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ وَثِيقَةً فِي بَعْضِهِ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الضَّامِنَيْنِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الضَّامِنَيْنِ هُمَا كَالْعَاقِدَيْنِ فَلِذَلِكَ تَبَعَّضَ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ إِذَا كَانَ فِي عَقْدَيْنِ كَانَ مُتَبَعِّضًا كَالضَّامِنَيْنِ.

وَأَمَّا الْعَقْدُ الْوَاحِدُ فَهُوَ كَالضَّامِنِ الْوَاحِدِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَقْبُوضَةَ مِنَ الدَّارَيْنِ تَكُونُ رَهْنًا بِجَمِيعِ الْحَقِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَالْمُرْتَهِنُ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْمَبِيعِ بِارْتِهَانِ إِحْدَى الدَّارَيْنِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ، لِأَنَّهُ شَرَطَ ارْتِهَانَ دَارَيْنِ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ إلا ارتهان إحداهما.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَصَابَهَا هَدْمٌ بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَتْ رَهْنًا بِحَالِهَا وَمَا سَقَطَ مِنْ خَشَبِهَا أَوْ طُوبِهَا يعني الآجر ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

إِذَا رَهَنَ دَارًا فَانْهَدَمَتْ لَمْ يَبْطُلِ الرَّهْنُ، سَوَاءٌ انْهَدَمَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، لِبَقَاءِ مَا يَجُوزُ أَنْ يُبْتَدَأَ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ.

فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ لَوِ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَانْهَدَمَتْ بَطَلَتِ الْإِجَارَةُ؟ فَهَلَّا كَانَ إِذَا ارْتَهَنَ دَارًا فَانْهَدَمَتْ بَطَلَ الرَّهْنُ؟

قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ، وَبِانْهِدَامِ الدَّارِ تَبْطُلُ الْمَنَافِعُ فَبَطَلَتِ الْإِجَارَةُ. وَعَقْدُ الرَّهْنِ عَلَى عَيْنِ الدَّارِ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ خَشَبٍ وَطُوبٍ، وَبِانْهِدَامِ الدَّارِ لَا تَذْهَبُ الْعَيْنُ فَلَمْ يَبْطُلِ الرَّهْنُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوِ اسْتَأْجَرَ دَارًا مَهْدُومَةً لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَلَوِ ارْتَهَنَ دَارًا مَهْدُومَةً لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا صَحَّ الرَّهْنُ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ انْهِدَامَ الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ لَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ، فَلَا يَخْلُو انْهِدَامُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>