للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: لَا يَنْعَزِلُونَ لِعُمُومِ نَظَرِهِ كَالْإِمَامِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِهِ لِخُصُوصِ نَظَرِهِ كَقَاضِي إِقْلِيمٍ.

وَأَمَّا الْعَجْزُ: فَهُوَ أَنْ يَحْدُثَ فِي الْقَاضِي عَجْزٌ يَمْنَعُهُ مِنَ النَّظَرِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: مَا يُمْنَعُ مِنَ التَّقْلِيدِ كَالْعَمَى وَالْخَرَسِ فَقَدِ انْعَزَلَ بِحُدُوثِهِ فِيهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّقْلِيدِ كَالزَّمَانَةِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَعْجَزُ بِهَا عَنِ النَّهْضَةِ وَلَا يَعْجَزُ بِهَا عَنِ الْحُكْمِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: الْمَرَضُ فَإِنْ أَعْجَزَهُ عَنِ النَّهْضَةِ وَلَمْ يُعْجِزْهُ عَنِ الْحُكْمِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِهِ وَإِنْ أَعْجَزَهُ عَنِ النَّهْضَةِ وَالْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ مَرْجُوُّ الزَّوَالِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ انْعَزَلَ بِهِ.

وَأَمَّا الْجَرْحُ: وَهُوَ الْفِسْقُ فَإِنْ حَدَثَ فِي الْمُوَلِّي كَانَ كَمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ، كَمَا يَنْعَزِلُ بِالْمَوْتِ، فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى مِنِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُوَلِّي.

وَإِنْ حدث الفسق في القاضي المولى فإن استدامه مُصِرًّا عَلَيْهِ أُنْزِلَ بِهِ.

وَإِنْ حَدَثَ الْفِسْقُ في القاضي المولى فإن استدامه مصرا عليه انْعَزَلَ بِهِ.

وَإِنْ كَانَ إِقْلَاعُهُ عَنْ نَدَمٍ وَتَوْبَةٍ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ قَدْ ظَهَرَ قَبْلَ التَّوْبَةِ انْعَزَلَ بِهِ.

وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَتَّى تَابَ مِنْهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بِهِ لِانْتِفَاءِ الْعِصْمَةِ عَنْهُ. وَإِنَّ هَفَوَاتِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ مَقَالَةٌ قَلَّ أَنْ يَسْلَمَ مِنْهَا إِلَّا مَنْ عُصِمَ.

وَإِذَا انْعَزَلَ بِالْفِسْقِ فَحَكَمَ فِي حَالِ انْعِزَالِهِ فَإِنْ كَانَ إِلْزَامًا بِإِقْرَارٍ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ حُكْمًا بِشَهَادَةٍ بَطَلَ.

وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الْحُكْمِ وَيُنْهِيَ حَالَهُ إِلَى الْإِمَامِ إِلَى مَنْ وَلَّاهُ مِنَ الْقَضَاءِ لِيُقَلِّدَ غَيْرَهُ وَلَا يَغْتَرَّ بِهِ النَّاسُ إِنْ لَمْ يَعْرِفُوهُ وَتَقِفُ أَحْكَامُهُمْ إِنْ عَرَفُوهُ.

وَهُوَ فِي إِنْهَاءِ حَالِهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُظْهِرَ الِاسْتِعْفَاء وَيَكْتُمَ حَالَهُ لِيَكُونَ حَافِظًا لِسَتْرِهِ، وَهُوَ أَوْلَاهُمَا، وَإِمَّا أَنْ يُخْبِرَ بِحَالِهِ وَسَبَبِ انْعِزَالِهِ، وَإِنْ كَرِهَ لَهُ هَتْكَ سِتْرِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ " وَإِنْ خَرَجَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ مَأْثَمِ الْإِمْسَاكِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حُكَمِهِ: فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا تَمَّمَهُ وَأَمْضَاهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعَزْلِهِ، فَهُوَ عَلَى نَفَاذِهِ وَإِمْضَائِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ مِنْ مَوْتِهِ أَوْ عَزْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>