وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ، مِثْلَ أن يكون قيمة العبد ألف درهم والثلث ألف وخمس مائة، فالوصية بالباقي من الثلث جائزة وقدرها خمس مائة دِرْهَمٍ.
فَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ الْأَلْفِ مِثْلَ أَنْ يَصِيرَ أَعْوَرَ فَيُسَاوِي بعد عوره سبع مائة، فلا يزاد الموصى له بالباقي على الخمس مائة التي كانت قيمة الثُّلُثِ بَعْدَ قِيمَةِ الْعَبْدِ سَلِيمًا عِنْدَ الْمَوْتِ ولا يحتسب للعبد في الثلث إذا كان عوره بعض قبض الموصى له إلا سبع مائة، وَيَكُونُ نَقْصُهُ بِالْعَوَرِ، كَالشَّيْءِ التَّالِفِ مِنَ التَّرِكَةِ.
وعلى هَذَا: لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى الْأَلْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْمُوصَى لَهُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، لَمْ ينقص الموصى له بالباقي عن الخمس مائة الَّتِي كَانَتْ بَقِيَّةَ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ بعد موت الموصي.
فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبْلَ قَبْضِ الْمُوصَى لَهُ: لَمْ تَبْطُلِ الْوَصِيَّةُ بِبَاقِي الثُّلُثِ، وَقُوِّمَ الْعَبْدُ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. ولو مات الموصى له فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ بِهِ.
فَأَمَّا الوصية بالباقي من الثلث بعد موت العبد فينظر: فإن جوز أن ينتهي قيمة العبد إن كان حيا إلى استغراق الثلث: صار الْوَصِيَّةُ بِالْبَاقِي مِنَ الثُّلُثِ بَاطِلَةً، لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالْإِسْقَاطِ.
وَإِنْ عُلِمَ قَطْعًا أَنَّ قِيمَتَهُ لا تجوز أن تستغرق الثلث: كانت الوصية بالباقي من الثُّلُثِ جَائِزَةً، وَرُجِعَ فِيهَا إِلَى قَوْلِ الْوَارِثِ مَعَ يَمِينِهِ أَنْ تُوَزَّعَ.
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
مَسْأَلَةٌ:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ لِزَوْجِهَا وَهُوَ حُرٌّ فَلَمْ يعلم حتى وضعت له بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَوْلَادًا فَإِنْ قَبِلَ عُتِقُوا وَلَمْ تَكُنْ أُمُّهُمْ أُمَّ وَلَدٍ حَتَّى تَلِدَ منه بعد قبوله بستة أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الْوَطْءَ قَبْلَ الْقَبُولِ وَطْءُ نكاح ووطء الْقَبُولِ وَطْءُ مِلْكٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ لهذه المسألة ثلاثة مقدمات لا يصح جَوَابُهَا إِلَّا بِتَقْرِيرِ مُقَدَّمَاتِهَا. أَحَدُهَا: الْحَمْلُ هَلْ يَكُونُ لَهُ حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِهِ؟ أَوْ يَكُونُ تَبَعًا لَا يَخْتَصُّ بِحُكْمٍ وَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: إنَّ لَهُ حُكْمًا مَخْصُوصًا، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَأَنَّ الْحَامِلَ إِذَا بِيعَتْ يُقَسَّطُ الثَّمَنُ عليها، وعلى الحمل المستجد فِي بَطْنِهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ أَنْ يُعْتَقَ الحمل فلا يسري إلى أم وَيُوصَى بِهِ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ، دَلَّ عَلَى اختصاصه بالحكم وتمييزه عَنِ الْأُمِّ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْحَمْلَ يَكُونُ تبعا لا يَخْتَصُّ بِحُكْمٍ وَلَا يَكُونُ مَعْلُومًا، لِأَنَّهُ لَمَّا سَرَى عِتْقُ الْأُمِّ إِلَيْهِ صَارَ تَبَعًا لَهَا كأعصابها، ولما جاز أن يكون موجودا أو معدوما: لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا فَهَذِهِ مُقَدِّمَةٌ.
وَالْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ ستة أشهر لا يجوز أن يحيى ولد وضع