للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداها: أن لا يكون قد دخل وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَهِيَ خَلِيَّةٌ وَلَا مَهْرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِفَسَادِ عَقْدِهِ وَعَدَمِ إِصَابَتِهِ وَلِأَيِّهِمَا شَاءَ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْعَقْدَ عَلَيْهَا.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أن يكون قد دخل بها أحدهما ودون الْآخَرِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ: أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ لِلدَّاخِلِ بها وما قد مَضَى مِنَ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَافٍ فِي هَذِهِ وَيَكُونُ نِكَاحُ الدَّاخِلِ بِهَا بَاطِلًا كَغَيْرِ الدَّاخِلِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ بِهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا بِالْإِصَابَةِ وَعَلَيْهَا مِنْهُ الْعِدَّةُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ نِكَاحَهَا فِي زَمَانِ عِدَّتِهَا مِنْهُ وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الدَّاخِلِ بِهَا مَهْرٌ وَلَا لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجَانِ مَعًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْإِصَابَةِ وعليها لكل واحد منهما العدة بدأ بَعْدَ أَسْبَقِهِمَا إِصَابَةً، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِئْنَافُ نِكَاحِهَا إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَقَّبُ عِدَّتَهَا مِنْهُ عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فِي الْعِدَّتَيْنِ مَعًا، فَأَمَّا الثَّانِي مِنْهُمَا إِصَابَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَلَهُ أن يتزوجها في عدة الثَّانِي.

فَصْلٌ: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ

: وَهُوَ أَنْ يَشُكَّ هَلْ وَقَعَ النِّكَاحَانِ مَعًا أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ فَالنِّكَاحَانِ بَاطِلَانِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا تَرَدَّدَ بَيْنَ حَالِيْ صحةٍ وَفَسَادٍ حُمِلَ عَلَى الْفَسَادِ دُونَ الصِّحَّةِ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ أَنْ لَا عقد حتى يعلم يقين صحته، فإذا كَانَ كَذَلِكَ فَالْحُكْمُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ وَقَعَا مَعًا فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ وُجُودِ الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ.

فَصْلٌ: وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ

: وَهُوَ أن يسبق أحدهما الآخر ويشك أيهما هو السابق فهو على ضربين:

أحدهما: أن يصير الشك بَعْدَ تَقَدُّمِ الْيَقِينِ فَيَكُونُ النِّكَاحَانِ مَوْقُوفَيْنِ عَلَى ما يرجى من زوال الشك يعود الْيَقِينِ؛ لِأَنَّ طُرُوءَ الشَّكِّ بَعْدَ تَقَدُّمِ الْيَقِينِ يَجُوزُ أَنَّ يَتَعَقَّبَهُ يَقِينٌ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ ذات زوج قد جهل عينه فتمتع مِنَ الْأَزْوَاجِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إِصَابَتُهَا إِلَّا بَعْدَ الْيَقِينِ بِأَنَّهُ الْأَسْبَقُ نِكَاحًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ يَقِينٌ فَلَا يَكُونُ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُتَوَقَّعُ زَوَالُ الشَّكِّ بِعَوْدِ الْيَقِينِ، وَإِذَا امْتَنَعَ وَقَفُ النِّكَاحَيْنِ كَانَا بَاطِلَيْنِ وَهَلْ يَفْتَقِرُ بُطْلَانُهُمَا إِلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:؛

أَحَدُهُمَا: لَا يَفْتَقِرُ إِلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ وَيَكُونُ الجهل على المتقدم فسخاً؛ لأن الجهل بعين الْأَسْبَقِ هُوَ الْمَانِعُ مِنْ تَعْيِينِ الْأَصَحِّ فَاقْتَضَى أن يقع به الفسخ.

والوجه الثاني: إِنَّهُ لَا يَقَعُ الْفَسْخُ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لِأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا زَوْجٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا الزَّوْجُ فَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ إِلَّا بِحُكْمِ الحاكم الذي له مدخل في الفسخ الْمَنَاكِحِ فَإِنْ قِيلَ: بِوُقُوعِ الْفَسْخِ بِالْجَهْلِ دُونَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَانَ فَسْخًا فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ كَمَا يُمْنَعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ الْغَرْقَى فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ عَنْ إِشْكَالِ التَّقَدُّمِ، وَإِنْ قِيلَ بِوُقُوعِ الْفَسْخِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: فَهَلْ يَقَعُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>