للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُهِلٌّ، وَلَا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ عَلَى شرفٍ مِنَ الْأَشْرَافِ إِلَّا أَهَلَّ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ تَكْبِيرَهُ حَتَى يَنْقَطِعَ بِهِمْ مُنْقَطَعُ التُّرَابِ " وَرَوَى خَلَّادُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي الْآنَ فَقَالَ: قُلْ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، فَإِنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ ".

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ التَّلْبِيَةَ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَاجِبَةٌ وَزَعَمَا أَنَّهُمَا وَجَدَا لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يُعْرَفُ لِلشَّافِعِيِّ فِي كتبه نص يدل عليه.

فَصْلٌ

: وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَتَانِي جِبْرِيلُ وَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ". قال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ - يَعْنِي فِي الْحَجِّ - فَقَالَ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَانُوا يَبْلُغُونَ الرَّوْحَاءَ حَتَّى تُبَحَّ حُلُوقُهُمْ مِنَ التلبية.

[مسألة]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُلَبِّي الْمُحْرِمُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَرَاكِبًا وَنَازِلًا وَجُنُبًا وَمُتَطَهِّرًا وَعَلَى كُلِ حَالٍ رَافِعًا صَوْتَهُ فِي جميع مساجد الجماعات وفي كل موضعٍ وكان السلف يستحبون التلبية عند اضطمام الرفاق وعند الإشراف والهبوط وخلف الصلوات وفي استقبال الليل والنهار وبالأسحار ونحبه على كل حال ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُلَبِّيَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، قَائِمًا، وَقَاعِدًا، وَرَاكِبًا، وَنَازِلًا، وَجُنُبًا، وَمُتَطَهِّرًا، وَعِنْدَ اضْطِمَامِ الرِّفَاقِ، وَعِنْدَ الْإِشْرَافِ، وَالْهُبُوطِ، وَبِالْأَسْحَارِ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَفِي اسْتِقْبَالِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ السَّلَفِ. وَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي كُلِ أَحْيَانِهِ ".

فَأَمَّا التَّلْبِيَةُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، فَلَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ، أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِهَا فِي ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مِنْهَا مَسْنُونٌ:

أَحَدُهُمَا: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ.

وَالثَّانِي: الْمُصَلَّى بِعَرَفَةَ وَهُوَ مَسْجِدُ إِبْرَاهِيمَ.

وَالثَّالِثُ: مَسْجِدُ الْخَيْفِ بِمِنًى، فَهَذِهِ الْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ قَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ يَرْفَعَ النَّاسُ أصواتهم بالتلبية فيها، فأما ما عادها مِنْ مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ كَرِهَ فِي القديم

<<  <  ج: ص:  >  >>