للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَوْ مَنْ مَعِي أَنْ يرفعوا أصواتهم بِالتَّلْبِيَةِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا التَّلْبِيَةُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْهُ عَلَى خَمْسَةِ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ، ألب فلان بالمكان ولب إِذَا أَقَامَ فِيهِ، وَمَعْنَى لَبَّيْكَ، أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عِنْدَ طَاعَتِكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

(مَحَلُّ الفخر أنت به ملب ... مَا تَزُولُ وَلَا تَرِيمُ)

وَقَالَ آخَرُ:

(لَبِّ بأرض ما تخطاها الغنم)

وهذا قول الخيل وَثَعْلَبٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْإِجَابَةِ، وَمَعْنَاهَا: إِجَابَتِي لَكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:

(لَبَّيْكُمَا لَبَّيْكُمَا هَأَنَا ذَا لَدَيْكُمَا)

وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ:

وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ اللَّبِّ، واللباب الذي يكون خالص الشي، وَمَعْنَاهَا: الْإِخْلَاصُ أَيْ أَخْلَصْتُ لَكَ الطَّاعَةَ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ لُبِّ الْعَقْلِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ لِبَيْتٍ، وَيَكُونُ مَعْنَاهَا: أَيْ مُنْصَرِفٌ إِلَيْكَ وَقَلْبِي مُقْبِلٌ عَلَيْكَ.

وَالْخَامِسُ: أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمَحَبَّةِ، مِنْ قَوْلِهِمُ: امْرَأَةٌ لَبَّةٌ، إِذَا كَانَتْ لِوَلَدِهَا مُحِبَّةً، وَيَكُونُ مَعْنَاهَا: مَحَبَّتِي لَكَ وَمِنْهُ قول الشاعر:

(وكنتم كأم لبةٍ ظعن ابْنُهَا ... إِلَيْهَا فَمَا دَرَّتْ عَلَيْهِ بِسَاعِدِ)

وَالتَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنَّهُ قَالَ: الْحُجَّاجُ، وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ، مَا أَهَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>