للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُكْنَتِهِ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ نَفْيِهِ، فَإِذَا تَكَامَلَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَقَدْ تَعَيَّنَ الْفَوْرُ وَلَزِمَ تَعْجِيلُ النَّفْيِ، فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ إِلَيْهِ لَزِمَهُ الْوَلَدُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَبَلَغَهُ فَأَقَامَ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ إِلَّا بِأَنْ يُشْهِدَ عَلَى نَفْيِهِ ثُمَّ يَقْدُمَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا عَرَفَ وِلَادَتَهُ وَكَانَ غَائِبًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْمَسِيرِ فَيُؤْخَذُ بِهِ إِنْ أَرَادَ نَفْيًا مُتَأَنِّيًا مِنْ غَيْرِ إِرْهَاقٍ لِتَلَمُّسِ صُحْبَةٍ، أَوْ يُعِدُّ مَرْكَبًا كَمَا لَمْ يَرْهَقْ فِي الْحَضَرِ بِالْخُرُوجِ عَنِ الْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فِي الْمَسِيرِ عِنْدَ إِمْكَانِهِ لَزِمَهُ الْوَلَدُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْمَسِيرِ إِمَّا بِشُغْلٍ لَهُ أَوْ بِعُذْرٍ فِي الطَّرِيقِ. أَوْ لِعَدَمِ صُحْبَةٍ لَمْ يَلْزَمِ الْمَسِيرُ وَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ بِالتَّوَقُّفِ.

ثُمَّ نُظِرَ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى إِيفَادِ رَسُولٍ فَعَلَ لِيَكُونَ مُخَيَّرًا بِإِنْكَارِ الْوَلَدِ وَلَا يفوته حَقُّهُ فِي نَفْيِهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِشْهَادِ وَفَعَلَ، [فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا فَلَمْ يَفْعَلْهُمَا، أَوْ فَعَلَ أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ الْوَلَدُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا أَوْ قَدَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَفَعَلَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ وَكَانَ فِي حَقِّهِ مِنْ نَفْيِهِ مَا كَانَ عَلَى حَالِهِ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ مِنْ مَسِيرٍ أَوْ رَسُولٍ أَوْ شَهَادَةٍ فَيُؤْخَذُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لِيَكُونَ حَقُّهُ في نفيه باقياً] .

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ قَالَ لَمْ أُصَدِّقْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يُخْبَرَ بِوِلَادَتِهِ فَيُمْسِكُ عَنْ نَفْيِهِ، وَيَقُولُ لَمْ أُصَدِّقِ الْمُخْبِرَ فِي خَبَرِهِ، فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْخَبَرُ عَنْ طَرِيقِ الْآحَادِ كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا، لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَرَابُ بِالْعَدْلِ، وَيُسْتَوْثَقُ بِالْفَاسِقِ، وَإِنْ كَانَ الْخَبَرُ مُتَوَاتِرًا مُسْتَفِيضًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي تَكْذِيبِ الْخَبَرِ لِوُقُوعِ الْعِلْمِ بِهِ، وَإِذَا قَبِلْنَا قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فَفِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فِي إِبْطَالِ دَعْوَاهُ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِالْفِرَاشِ دُونَ النُّكُولِ. وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْأُمِّ وَلَا عَلَى الْوَلَدِ، لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِ تَصْدِيقُهَا، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ تَكْذِيبُهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْأُمِّ فَإِنْ حَلَفَتْ لَزِمَهُ الْوَلَدُ وَإِنْ نَكَلَتْ وَقَفَتْ عَلَى بُلُوغِ الْوَلَدِ، فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَإِنْ نَكَلَ انْتَفَى عَنْهُ لِأَنَّ لُحُوقَ النَّسَبِ لِلْوَلَدِ، وَفِيهِ مِنْ حُقُوقِ الْأُمِّ نَفْيُ الْمَعَرَّةِ عَنْهَا فَوَجَبَ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَيْهَا فَعَلَى هَذَا إِنْ وقفت على

<<  <  ج: ص:  >  >>