قَدْرَهَا فَتَتِمُّ دَعْوَاهُمَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ مُدَّعِي الْخِيَانَةِ بَيِّنَةً بِمَا يَدَّعِيهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلِأَنَّهُ بَرِيءُ الذِّمَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[(مسألة)]
قال المزني رضي الله عنه: " وَأَيُّهُمَا زَعَمَ أَنَّ الْمَالَ قَدْ تَلِفَ فَهُوَ أمين وعليه اليمين ".
قال الماوردي: بِسَبَبِ وَصْفِهِ أَوْ لَمْ يَصِفْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا كَانَ مَا ادَّعَاهُ مِنَ التَّلَفِ مُمْكِنًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَشَابَهَ الْمُودَعَ وَالْوَكِيلَ فَإِنْ ذَكَرَ تَلَفَهُ فِي يَوْمٍ مِنْ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَا ذَلِكَ الْمَالَ فِي يَدِهِ بِعَيْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي ادَّعَى تَلَفَهُ فِيهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ يَمِينَهُ السَّالِفَةَ قَدْ بَطَلَتْ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ الْحَادِثَةِ وَيُلْزَمُ غُرْمَ الْمَالِ الْمَشْهُودِ بِهِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ أَوْلَى مِنْ يَمِينِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَبِهِ قَالَ أَبُو الْفَيَّاضِ إِنَّ يَمِينَهُ لَا تَبْطُلُ وَلَكِنْ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنْ ذَكَرَهُ مَعَ يَمِينِهِ الْمَاضِيَةِ لَمْ يَغْرَمْ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ غُرِّمَ وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يُغَرَّمُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يُسْأَلُ.
(فَصْلٌ)
وَإِذَا اشْتَرَى الشَّرِيكَانِ سِلْعَةً وَقَبَضَاهَا فَتَلِفَتَ كَانَ التَّلَفُ مِنْ مَالِهِمَا وَالثَّمَنُ دَيْنٌ عَلَيْهِمَا فَإِنْ دَفَعَا الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ الْمَدْفُوعِ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ أَيْضًا مِنْهُمَا قَبْلَ دَفْعِهِ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ التَّالِفَةِ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِمَا وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا عَنْ صَاحِبِهِ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ تَوَلَّى الشِّرَاءَ دُونَ صَاحِبِهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِتَفَرُّدِهِ بِالْعَقْدِ فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ نُظِرَ فَإِنْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جَازَ وَلَا رُجُوعَ وَإِنْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ نُظِرَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنِضَّ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ مَا يُؤَدِّي فِي ذَلِكَ الثَّمَنَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِهِ نَاضًّا فِي مَالِ الشَّرِكَةِ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ مُوجِبَاتِ الشَّرِكَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ مُوجِبَ الشَّرِكَةِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ مَالِهَا فَصَارَ عُدُولُهُ عَنْهُ إِلَى مَالِ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا مِنْهُ فَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ المزني: رضي الله عنه: " وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَمَرَ أَحَدُهُمَا صاحبه ببيعه فَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْبَائِعُ وَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبْرَأُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ حِصَّةُ الْمُقِرِّ وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَيُسَلَّمَ لَهُ وَيَحْلِفُ لِشَرِيكِهِ مَا قَبَضَ مَا ادَّعَى فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ صَاحِبُهُ وَاسْتَحَقَّ الدَّعْوَى ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute