للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمِلْكِ، وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ عَنْ وَقْتِ الْحَصَادِ إِلَى وَقْتِ التَّصْفِيَةِ إِنَّمَا وَجَبَ لِتَكَامُلِ مَنَافِعِهِ، وَإِذَا وَجَبَ الْأَدَاءُ بَعْدَ تَكَامُلِ المنافع فالمؤنة عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ التَّسْلِيمِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا لَمْ يَجُزْ أَخْذُ شَيْءٍ مِنَ الْحُبُوبِ الْمُزَكَّاةِ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ كِمَامِهَا إِلَّا الْعَلْسَ إِذَا بَقِيَ فِي إِحْدَى قِشْرَتَيْهِ فَإِنَّ الشافعي قال: أخير رب المال بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ كُلِّ عَشْرَةِ أَوْسُقٍ مِنْهُ وَسْقًا، لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الْقِشْرَةِ أَبْقَى، وَبَيْنَ أن يخرجه من هذه العشرة وَآخَذُ مِنْ كُلِّ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ الْعُشْرَ، فَأَمَّا الْحِنْطَةُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا فِي سُنْبُلِهَا وَإِنْ كانت فيه أبقى لتعذر كيلها.

[مسألة:]

قال الشافعي: " وَإِنْ أَخَذَهُ رُطَبًا كَانَ عَلَيْهِ رَدُّهُ أَوْ رَدُّ قِيمَتِهِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ وَأَخَذَهُ يَابِسًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ إِخْرَاجَ زَكَاةِ الثِّمَارِ بَعْدَ الْيُبْسِ وَالْجَفَافِ، وَالزُّرُوعِ بَعْدَ الدِّيَاسِ وَالتَّصْفِيَةِ، فَلَوْ أَخَذَ الْوَالِي زَكَاةَ النَّخْلِ رُطَبًا، وَالْكَرْمَ عِنَبًا وَالزَّرْعَ سُنْبُلًا كَانَ مُسِيئًا بِهِ، وَلَزِمَهُ رَدُّهُ، وَأَخَذَ الزَّكَاةَ بَعْدَ الْجَفَافِ وَالدِّيَاسِ، فإن تلف من يده قبل رده ولزمه رَدُّ قِيمَتِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِالزَّكَاةِ بَعْدَ الْيُبْسِ وَالْجَفَافِ، فَلَوْ كَانَ مَا أَخَذَهُ رُطَبًا باقياً فيبس في يده، فإن كان بقدر الزَّكَاةِ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَقَدْ أجزأته عَنْ زَكَاتِهِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا عَنْ قَدْرِ الزكاة طالبه رطبه بِمَا بَقِيَ مِنْهَا لَا غَيْرَ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي: " ولا أجيز بيع بعضه ببعضٍ رطباً لاختلاف نقصانه والقشر مقاسمة كالبيع ".

قال الماوردي: وهذا صحيح، كل تمرة لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهَا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ رُطَبِهَا بِرُطَبِهَا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ، وَلَا بَيْعُ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ، وَلَا بَيْعُ الْعِنَبِ بِالْعِنَبِ، وَلَا بَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْعِنَبِ، وهذا يأتي في كتاب البيوع مستوفى ويذكر الْخِلَافَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْعُشْرُ مُقَاسَمَةٌ كَالْبَيْعِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ فِي الْقِسْمَةِ قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهَا كالبيع.

والثاني: أنها إقرار حق وتمييز نصب، وَسَيَجِيءُ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ، فَإِذَا قِيلَ إِنَّهَا كَالْبَيْعِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْتَسِمَ الشُّرَكَاءُ ثِمَارًا رُطَبَةً، وَإِذَا قِيلَ إنها إقرار حَقٍّ جَازَ اقْتِسَامُهُمْ لَهَا كَيْلًا وَوَزْنًا وَلَمْ يجز جزافاً، لأن حق كل واحد لَا يَتَمَيَّزُ وَأَمَّا قِسْمَةُ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَأَهْلِ السُّهْمَانِ فَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهَا مُقْنِعًا وَاللَّهُ أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي: " وَلَوْ أَخَذَهُ مِنْ عِنَبٍ لَا يَصِيرُ زَبِيبًا أو من رطب لا يصير تمراً أمرته برده لما وصفت وكان شريكاً فيه يبيعه ولو قسمه عنباً موازنة كرهته له ولم يكن عليه غرمٌ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>