بِجِيفَتِهِ إِلَى الطَّرِيقِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أُنْشِدُ اللَّهَ امْرَأً عِنْدَهُ عِلْمُ هَذَا الْقَتِيلِ إِلَّا أَخْبَرَنِي، فَقَامَ الرَّجُلُ: فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَأَهْدَرَ عُمَرُ دَمَهُ، وَقَالَ: أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَسَحَقَهُ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ خَيْبَرِيٍّ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ وَقَتَلَهَا، فَأَشْكَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ الْقَضَاءُ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْأَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْهَا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ بِأَرْضِنَا حَلَفْتُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرْنِي بِهَا فَقَالَ: كَتَبَ بِهَا إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ عَلِىٌّ: يَرْضَوْنَ بِحُكْمِنَا وَيَنْقِمُونَ عَلَيْنَا، إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ ".
وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: فَلْيَضْرِبْ عَلَى رُمَّتِهِ يَعْنِي بِالسَّيْفِ قَوَدًا.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ فَلْيُسَلَّمْ بِرُمَّتِهِ حَتَّى يُقَادَ مِنْهُ.
وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّانِي وَالْقَاتِلِ، فَقَدْ فَرَّقَ مَنْ خَالَفَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ عَلَى الْقَاتِلِ قَوَدًا وِدِيَةً، فَلَمْ يَجُزْ تَفْوِيتُ الدِّيَةِ بِالْقَوَدِ، وَلَيْسَ عَلَى الزَّانِي إِلَّا الْقَتْلُ الَّذِي لَا تَخْيِيرَ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدِي مِنْ إِطْلَاقِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ أَنْ يُقَالَ: إِنْ وَجَبَ قَتْلُ الزَّانِي بِالْبَيِّنَةِ فَلَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِهِ لِانْحِتَامِ قَتْلِهِ وَإِنْ وَجَبَ بِإِقْرَارِهِ أُقِيدَ مِنْ قَاتَلِهِ لِأَنَّ قَتْلَهُ بِإِقْرَارِهِ غَيْرُ مُنْحَتِمٍ لِسُقُوطِهِ عَنْهُ بِرُجُوعِهِ عَنْ إِقْرَارِهِ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ مُحَارِبًا مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ قَتَلَ فِي الْحِرَابَةِ رَجُلًا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِقَتْلِهِ دُونَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، لِمَا قَدْ تَعَلَّقَ بِقَتْلِهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَلِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَنْ يَقْتُلَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ.
فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُمَا مِنَ الأَجَانِبِ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ لا قود عليه.
[(مسألة)]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَيُقْتَلُ الذَّابِحُ دُونَ الْمُمْسِكِ كَمَا يُحَدُّ الزَّانِي دُونَ الْمُمْسِكِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute