آثِمًا بِالرِّضَا وَالْمَشُورَةِ، وَعَلَى الْمَأْمُورِ الْقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ، وَيَخْتَصُّ بِالْتِزَامِهَا مَعَ الْكَفَّارَةِ.
فَإِنْ غَرَّ الْآمِرُ الْمَأْمُورَ وَقَالَ: اقْتُلْ هَذَا فَإِنَّهُ حَرْبِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ فَقَتَلَهُ وَكَانَ مُسْلِمًا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالْقَوَدُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَاجِبٌ، وَلَا قَوَدَ عَلَى الْآمِرِ، فَإِنْ عَفَي عَنِ الْقَوَدِ وَجَبَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآمِرِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إِسْلَامُ أَهْلِهَا، فَضَعُفَ غُرُورُ الْآمِرِ فِيهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمَأْمُورِ وَلَا عَلَى الْآمِرِ، وَتَجِبُ عَلَى الْمَأْمُورِ الدِّيَةُ كَالْخَاطِئِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كُفْرُ أَهْلِهَا.
فَإِذَا غَرِمَ الْمَأْمُورُ الدِّيَةَ فَفِي رُجُوعِهِ بِهَا عَلَى الْآمِرِ الْغَارِّ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِيمَنْ غَرَّ رَجُلًا فِي النكاح على أن المنكوحة حرة فباتت أَمَةً، هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا غَرَّمَهُ مِنْ صَدَاقِهَا فِيهَا قَوْلَانِ: كَذَلِكَ هَاهُنَا يَتَخَرَّجُ فِيهِ وجهان والله أعلم.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَعَلَى السَّيِّدِ الْقَوَدُ إِذَا أَمَرَ عَبْدَهُ صَبِيًّا أَوْ أَعْجَمِيًّا لَا يَعْقِلُ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَعْقِلُ فَعَلَى الْعَبْدِ الْقَوَدُ وَلَوْ كَانَا لِغَيْرِهِ فَكَانَا يُمَيِّزَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِمَا فَهُمَا قَاتِلَانِ وَإِنْ كَانَا لَا يُمَيِّزَانِ فَالْآمِرُ الْقَاتِلُ وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ أَمَرَ عَبْدَهُ بِالْقَتْلِ. فَامْتَثَلَ أَمْرَهُ فِيهِ فَلِلْعَبْدِ الْمَأْمُورِ حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُ فِي طَاعَةِ سَيِّدِهِ بَيْنَ الْمَحْظُورِ وَالْمُبَاحِ، إِمَّا لِصِغَرِهِ وَإِمَّا لِأَعْجَمِيَّتِهِ، فَيَكُونُ السَّيِّدُ الْآمِرُ هُوَ الْقَاتِلَ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ مَعَهُ كَالْآلَةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا أَوْ كَالْبَهِيمَةِ الَّتِي يُشْلِيهَا فَيَكُونُ الْقَوَدُ فِي الْمَقْتُولِ وَاجِبًا عَلَى السَّيِّدِ دُونَ الْعَبْدِ، فَإِنْ عَفَي عَنْهُ إِلَى الدِّيَةِ كَانَتْ حَالَّةً فِي مَالِهِ، وَلَا تَرْتَهِنُ رَقَبَةُ الْعَبْدِ بِهَا، وَيَكُونُ كَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِهَذَا الْعَبْدِ، اقْتُلْنِي فَقَتَلَ سَيِّدَهُ بِأَمْرِهِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ السَّيِّدُ قَاتِلَ نَفْسِهِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ السَّيِّدُ: اقْتُلْ نَفْسَكَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ عَنْ أَمْرِهِ، كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْقَاتِلَ لِعَبْدِهِ، فَيُؤْخَذُ بِمَا يُؤْخَذُ بِهِ قَاتِلُ عَبْدِهِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ يَكُونَ هَذَا الْعَبْدُ يُمَيِّزُ فِي طَاعَةِ سَيِّدِهِ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَبَيْنَ الْمَحْظُورِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الْقَتْلَ مَحْظُورٌ لَا يُطَاعُ فِيهِ السَّيِّدُ، إِمَّا لِبُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ، وإما