[(باب سجود السهو وسجود الشكر)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، وَكَذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ شَكَّ فِي رَكَعَاتِهَا فَلَمْ يَدْرِ أركعة صلى، أو رَكْعَتَيْنِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَحَسَبَهَا رَكْعَةً، وَلَوْ كَانَ الشَّكُّ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ بَنَى عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الشَّكُّ بَيْنَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ بَنَى عَلَى ثَلَاثٍ وَهُوَ الْيَقِينُ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ شَكِّهِ، أَوْ كَانَ يَعْتَادُهُ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ شَكِّهِ أَوْ كَانَ يَشُكُّ فِي أَقَلِّ أَوْقَاتِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ شَاكًّا وَيَعْتَادُهُ الشَّكُّ كَثِيرًا تَحَرَّى فِي صَلَاتِهِ وَاجْتَهَدَ، وَعَمِلَ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ حِينَئِذٍ وَاسْتَدَلَّ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِأَوَّلِ شَكِّهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا غِرَارَ فِي الصَّلَاةِ " قَالَ: وَمَعْنَاهُ: لَا شَكَّ فِيهَا فَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِهَا بِحُدُوثِ الشَّكِّ فِيهَا، وَاسْتَدَلَّ فِي جَوَازِ التَّحَرِّي فِيمَنِ اعْتَادَهُ الشَّكُّ بِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَتَحَرَّ أَقْرَبَ ذَلِكَ إِلَى الصَّوَابِ "
وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا وَكَانَ أَكْثَرُ ظَنِّهِ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا، قَعَدَ وَتَشَهَّدَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ "
قَالَ: وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ التَّحَرِّي فِي القلتين، وَالثَّوْبَيْنِ، وَالْإِنَاءَيْنِ، وَالْوَقْتَيْنِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ جَازَ التَّحَرِّي فِي أَعْدَادِ رَكَعَاتِهَا، لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُشْتَبِهٌ قَدْ جُعِلَ لَهُ طَرِيقٌ إِلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُ، وَهَذَا خَطَأٌ
وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيُلْغِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَهُوَ جالس "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute