للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى الْعَجْزِ عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ حُقُوقٍ، وَفِي مِثْلِهِ وَرَدَتْ أَخْبَارُ الْكَرَاهَةِ، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا فِي تَرْكِ النِّسَاءِ فَقَالَ {وَسَيِّداً وَحَصُوراً) {آل عمران: ٣٩) وَفِيهِ تأويلان:

أحدهما: أن السيد الخليفة وَالْحَصُورُ الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ، وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ السَّيِّدَ الْفَقِيهُ، وَالْحَصُورَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إِتْيَانِ النِّسَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ سعيد بن المسيب وذكر الله تعالى: {وَالقَوَاعِدِ مِنَ النَّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً} (النور: ٦٠) وَالْقَوَاعِدُ: هُنَّ اللَّاتِي قَعَدْنَ بِالْكِبَرِ عَنِ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فَلَا يُرِدْنَ الرِّجَالَ وَلَا يُرِيدُهُنَّ الرِّجَالُ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُعْتَدِلَ الشَّهْوَةِ إِنْ صبرت نفسه عنه صبر، وإن حدثها به فسدت فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أن يكون مشتغلاً بالطاعة أو مشتغلاً بالدنيا، فَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِطَاعَةٍ مِنْ عِبَادَةٍ أَوْ عِلْمٍ فَتَرْكُهُ لِلنِّكَاحِ تَشَاغُلًا بِالطَّاعَةِ أَفْضَلُ لَهُ وأولى به، وإن كان متشاغلاً بالدنيا فالنكاح أولى به من تركه لأمرين:

أحدهما: للتشاغل بِهِ عَنِ الْحِرْصِ فِي الدُّنْيَا.

وَالثَّانِي: لِطَلَبِ الْوَلَدِ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ " إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ.

وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: سبع يجري على الْعَبْدُ أَجْرُهُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ مَنْ كَرَى نَهْرًا أو حفر بئراً أو وقف وقفاً أو ورق مُصْحَفًا أَوْ بَنَى مَسْجِدًا أَوْ عَلَّمَ عِلْمًا أَوْ خَلَّفَ وَلَدًا صَالِحًا يَدْعُو لَهُ وَاللَّهُ أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي: " وإذا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا حَاسِرَةً وَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وهي متغطيةٌ بإذنها وبغير إذنها قال الله تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) {النور: ٣١) قال الوجه والكفان ".

قال الماوردي: قد مضى الكلام أَنَّ وَجْهَ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظََهَرَ مِنْهَا) {النور: ٣١) .

قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مخرمة: هو الكحل، والخاتم عبارة عَنِ الْوَجْهِ بِالْكُحْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>