للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُقْطَعَ فِيمَا لَا مَالِكَ لَهُ كَمَا يُقْطَعُ فِي أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَآلَاتِ الْمَسَاجِدِ، وَيُخَالِفُ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لم يتعين في حق إنسان بعينه، والكفن يتعين فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، وَيَعُودُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ إِنْ أَكَلَهُ السَّبُعُ، وَيَكُونُ الْإِمَامُ هُوَ الْخَصْمُ فِي قَطْعِ السَّارِقِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي زِيَادَةِ الْكَفَنِ فَهُوَ أَنَّ الْغَرَضَ ثَوْبٌ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ إِلَى خَمْسَةِ أثواب ندب، وما زاد عليه خارج حُكْمِهِ فَيُقْطَعُ فِي الْوَاجِبِ وَالنَّدْبِ، وَلَا يُقْطَعُ في الزيادة عليها بخروجها عَنْ حُكْمِ الْكَفَنِ فَرْضًا وَنَدْبًا، وَلَيْسَ الْقَبْرُ حِرْزًا لِغَيْرِ الْكَفَنِ وَإِنْ كَانَ حِرْزًا لِلْكَفَنِ؛ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَافْتَرَقَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالطِّيبِ فَفِي قَطْعِ سَارِقِهِ مِنْ أَكْفَانِ الْمَيِّتِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْطَعُ وَيَسْقُطُ؛ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مُسْتَهْلَكٌ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ وَالْأَكْفَانُ بَاقِيَةٌ فَافْتَرَقَا فِي الْقَطْعِ لِافْتِرَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى.

فَأَمَّا سَرِقَةُ التَّابُوتِ فَلَا قَطْعَ فيه؛ لأن التابوت منهي عن الدفع فِيهِ فَلَمْ يَصِرِ الْقَبْرُ حِرْزًا لَهُ فَسَقَطَ فِيهِ الْقَطْعُ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ قَطْعُ النَّبَّاشِ فَقَطْعُهُ فِي الْكَفَنِ مُعْتَبَرٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْقَبْرُ فِي مَقَابِرِ الْبَلَدِ الْأَنِيسَةِ، سواء كانت في وسط البلد أو ظاهره، فَإِنْ كَانَ الْقَبْرُ مُنْقَطِعًا عَنِ الْأَمْصَارِ مُفْرَدًا فِي الْفَلَوَاتِ فَلَا قَطْعَ فِيهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْقَبْرُ عَمِيقًا عَلَى مَعْهُودِ الْقُبُورِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَمِيقًا وَكَانَ دَفْنُهُ قَرِيبًا مِنْ ظَاهِرِ الْأَرْضِ فَلَا قَطْعَ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُخْرِجَ الكفن من جميع القبر بعد تجريده عن الْمَيِّتِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مَعَ الْمَيِّتِ وَلَمْ يُجَرِّدْهُ عَنْهُ فَفِي قَطْعِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ لِاسْتِبْقَائِهِ عَلَى الْمَيِّتِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قِيَاسُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: يُقْطَعُ لِإِخْرَاجِ الكفن من حرزه.

[(فصل)]

[حكم النشالين]

فَأَمَّا الطَّرَّارُ فَإِذَا أَدْخَلَ يَدَهُ إِلَى الْكُمِّ فَأَخَذَ مَا فِيهِ، أَوْ أَدْخَلَهَا إِلَى الْجَيْبِ وَأَخَذَ مَا فِيهِ قُطِعَ بِوِفَاقِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ بَطَّ الْكُمَّ أَوِ الْجَيْبَ، أَوْ فَتَقَهُمَا حَتَّى خَرَجَ مَا فِيهِمَا قُطِعَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>