لَأُجْبِرَ، وَإِنْ قِيلَ إِنَّ نَفَقَةَ الْحَامِلِ لَا تَسْتَحِقُّ إِلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ مِنْ أَنْ يَشْتَرِطَ فِيهَا التَّعْجِيلَ أَوْ لَا يَشْتَرِطَ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ فِيهَا التَّعْجِيلَ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا، لِأَنَّهَا مِنْهُ تَطَوُّعٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ فِيهَا التَّعْجِيلَ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَوْ تَضَمَّنَهَا الرُّجُوعُ بِهَا إِنِ انْفَشَّ حَمْلُهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ اعْتِبَارًا بِالشَّرْطِ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُضَمِّنَهَا الرُّجُوعَ بِهَا فَفِي اسْتِرْجَاعِهَا وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا يَرْجِعُ بِهَا تَغْلِيبًا لِحُكْمِ مَا اشْتَرَطَهُ مِنَ التَّعْجِيلِ، كَمَا يَسْتَرْجِعُ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ عِنْدَ تَلَفِ ماله إذا اشتراطه.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ بِهَا إِذَا اشْتَرَطَ التَّعْجِيلَ حَتَّى يَشْتَرِطَ التَّضْمِينَ مَعَهُ لِاحْتِمَالِ التَّعْجِيلِ وَإِخْلَالِهِ بِالتَّضْمِينِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى، وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ عَلِمَ فَسَادَ نِكَاحِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَ بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ نَفَقَةِ الْحَامِلِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَنْفَقَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَقَدْ حَصَلَ لَهُ، وَفِي الْحَامِلِ أَنْفَقَ لِأَجْلِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ.
(الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ)
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَلَمْ تُقِرَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ كَانَ حَيْضُهَا يَخْتَلِفُ فَيَطُولُ وَيَقْصُرُ لَمْ أَجْعَلْ لَهَا إِلَّا الْأَقْصَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ اليقين وأطرح الشك (قال المزني) رحمه الله إِذَا حُكِمَ بِأَنَّ الْعِدَّةَ قَائِمَةٌ فَكَذَلِكَ النَّفَقَةُ في القياس لها بالعدة قائمة ولو جاز قطع النفقة بالشك في انقضاء العدة لجاز انقطاع الرجعة بالشك في انقضاء العدة ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ فَالنَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ فِيهِ وَاجِبَةٌ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، لِأَنَّ أَحْكَامَ الزَّوْجَاتِ عَلَيْهَا جَارِيَةٌ وَاسْتِمْتَاعَهُ بِهَا مُمْكِنٌ إِذَا أَرَادَ وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وادعت حملاً ظهرت أمارته وَجَبَ لَهَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ حَمْلِهَا وَتَتَعَجَّلُهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي العدة مع وجوب الْحَمْلِ وَعَدَمِهِ فَتَعَجَّلَتْ لِوَقْتِهِ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الوضع، ولها فيما بعد حالتان:
أحدهما: أن تنفش حَمْلُهَا وَيَظْهَرَ أَنَّهُ كَانَ رِيحًا وَغِلَظًا فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ تَسْتَحِقُّ فِيهَا نَفَقَتَهَا وَتَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَيُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهَا فِي مِقْدَارِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا يَخْلُو حَالُهَا فِيمَا تَذْكُرُهُ مِنْ مُدَّةِ أَقْرَائِهَا مِنْ سَبْعَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ والظهر مَعْرُوفَةً لَا تَخْتَلِفُ فَتَذْكُرَ قَدْرَ الْعَادَةِ