للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَيْبُ يُخْرِجُهَا مِنْ جِنْسِ الذَّهَبِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ فِي جَمِيعِهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا لِأَنَّ الْقَبْضَ مَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ مُسْتَحَقٌّ بِالشَّرْطِ. وَاجْتِمَاعُهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ مَانِعًا مِنْ إِبْرَامِ الْعَقْدِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَجِدَ بِهَا الْعَيْبَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَيْبِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ جِنْسِ الذَّهَبِ أَوْ لَا يُخْرِجَهَا. فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يُخْرِجُهَا مِنْ جِنْسِ الذَّهَبِ بِأَنْ كَانَتْ تَفَرُّقًا فِي الصَّرْفِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ مَعِيبًا اسْتَرْجَعَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ مَعِيبًا وَالْبَاقِي سَلِيمًا بَطَلَ الصَّرْفُ فِي الْمَعِيبِ وَصَحَّ الصَّرْفُ فِي السَّلِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ.

وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. لِأَنَّ الْفَسَادَ طَرَأَ عَلَى الصَّفْقَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْفَسَادُ مُقْتَرِنًا بِهَا.

فَإِنْ قِيلَ بِتَخْرِيجِ أَبِي إِسْحَاقَ إِنَّ الصَّرْفَ فِي الْكُلِّ بَاطِلٌ. اسْتَرْجَعَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ.

وَإِنْ قِيلَ بِجَوَازِهِ فِي السَّلِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ. كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الصَّرْفَ فِي السَّلِيمِ لِبُطْلَانِهِ فِي الْمَعِيبِ وَيَسْتَرْجِعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَنْ يُمْضِيَهُ فِي السَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ من الثمن على الصحيح من الذهب. وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ يُخَرِّجُ قَوْلًا ثَانِيًا إِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِلَّا فُسِخَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَهَذَا إِذَا كَانَ عَيْبُهَا يُخْرِجُهَا مِنْ جِنْسِ الذَّهَبِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا إِذَا كَانَ عَيْبُهَا لَا يُخْرِجُهَا مِنْ جِنْسِ الذَّهَبِ فَهَلْ لَهُ إِبْدَالُ الْمَعِيبِ أَمْ لَا. عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْدِلَ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ. لِأَنَّ الصَّرْفَ يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ كَمَا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبْدِلَ ما تعين بالقبض لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبْدِلَ مَا تَعَيَّنَ بِالْعَقْدِ.

وَلِأَنَّهُ لَوْ أَبْدَلَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ لَبَطَلَ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَإِذَا لَمْ يَتِمَّ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بَطَلَ الصَّرْفُ فَكَانَ فِي إِثْبَاتِ الْبَدَلِ إِبْطَالُ الْعَقْدِ، فَمَنَعَ مِنَ الْبَدَلِ لِيَصِحَّ الْعَقْدُ.

وَلِمَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الصَّرْفُ الْمُعَيَّنُ وَمَا فِي الذِّمَّةِ يَسْتَوِيَانِ فِي الْفَسَادِ بِالتَّفَرُّقِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَسْتَوِيَانِ فِي الصِّحَّةِ بِالْقَبْضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي حُكْمِ الْمَعِيبِ.

فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبْدَلَ مَعِيبُ مَا كَانَ مَعِيبًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبْدَلَ مَعِيبُ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ أَنْ يُبْدِلَ. وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة.

لِأَنَّ مَا جَازَ إِبْدَالُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ إِبْدَالُهُ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ كَالسَّلَمِ وَكَمَا أَنَّ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>