للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُعَيَّنًا فَتَبْطُلَ الْإِجَارَةُ بِتَأَخُّرِهِ، لِأَنَّ فَوَاتَهُ فِي الْعَامِ يُوجِبُ تَأْخِيرَهُ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَالْعَقْدُ الْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ فَبَطَلَ، فَعَلَى هَذَا لَوْ حَجَّ الْأَجِيرُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ كَانَ الْحَجُّ وَاقِعًا عَنْ نَفْسِهِ دُونَ مُسْتَأْجِرِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ قَدْ بَطَلَتْ وَالْوَقْتَ الَّذِي حَجَّ فِيهِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَصَارَ مَا فَعَلَهُ الْأَجِيرُ مِنَ الْحَجِّ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ عَقْدٌ وَلَا إِذْنٌ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِتَأَخُّرِهِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَبْطُلُ بِتَأَخُّرِهِ عَنْ مَحِلِّهِ كَ " السَّلَمِ " فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحُجَّ عَنْهُ وَهُوَ حَيٌّ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْإِجَارَةِ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَبَيْنَ أن يفسخ؛ لأنه قد يستفيد بفسخه الارتفاق بِالْأُجْرَةِ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحُجَّ عَنْ مَيِّتٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ تَطَوَّعَ بِذَلِكَ عَنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ دُونَ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْإِجَارَةِ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَرْتَفِقَ بِالْمَالِ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَعَلَيْهِ الصَّبْرُ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ؛ لأنه ليس بقدر عَلَى اسْتِئْجَارِ مَنْ يَحُجُّ قَبْلَهُ وَلَا يَجُوزُ له الارتفاق بالمال إذا ارْتَجَعَهُ فَلَمْ يَكُنْ لِفَسْخِهِ مَعْنًى فَإِنْ خَافَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ رَفْعُ أَمْرِهِ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَتَوَلَّى فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِحُكْمِهِ عَلَى حَسَبِ نَظَرِهِ وَاجْتِهَادِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُسْتَأْجِرُ حَالَ الْأَجِيرِ فِي تَأْخِيرِ الْحَجِّ حَتَّى يَحُجَّ في العام المقبل كان الحج واقع عَنِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ دُونَ الْأَجِيرِ وَاسْتَحَقَّ الْأَجِيرُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بِفَوَاتِ الْعَامِ الْمَاضِي لَمْ تَبْطُلْ فَكَانَ فِعْلُهُ مِنَ الْحَجِّ قَدْ تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فَاسْتَحَقَّ بِهِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ.

فَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ إِذَا عَيَّنَ لَهُ الْإِحْرَامَ فِي عَامٍ فَأَحْرَمَ فِي عَامٍ غَيْرِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ أَحْكَامِهِ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْفَصْلُ الرَّابِعُ مِنَ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْإِحْرَامَ عَنْ شَخْصٍ فَيُحْرِمَ عَنْ غَيْرِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْتَقِلَ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ إِلَى غَيْرِهِ بِالْعَقْدِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ بِالشَّرْعِ فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا انْتَقَلَ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ إِلَى غَيْرِهِ بِالْعَقْدِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>