أَحَدُهُمَا: ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ، أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ بِهِمَا وَاجِبَةٌ لِرِوَايَةِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا "
وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صَلَاةِ عَبْدٍ لا يباشر الأرض بكفيه "
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ بِهِمَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} فَخُصَّ الْوَجْهُ بِالسُّجُودِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى فِي مَسْجِدِ ابْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كساء ملتف به يضع يده عَلَيْهِ يَقِيهِ الْكِسَاءُ بَرْدَ الشِّتَاءِ
(مَسْأَلَةٌ)
: قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَى الْكَمَالِ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ سُنَّةٌ، وَأَنَّهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَأَدْنَى كَمَالِهِ ثَلَاثًا لِرِوَايَةِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذا ركع أحدكم فليقل ثلاثاً سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ وَإِذَا سَجَدَ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ وَيَخْتَارُ أَنْ يُضِيفَ إِلَى تَسْبِيحِهِ مِنَ الذِّكْرِ إِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا مَا رَوَاهُ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذَا سَجَدَ قَالَ: " اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَأَنْتَ رَبِّي، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ "
فَهَذَا الذِّكْرُ الْمَسْنُونُ فِي السُّجُودِ، فَأَمَّا الدُّعَاءُ فِيهِ فَقَدْ رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ عَزَ وَجَلَّ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ " فَيَخْتَارُ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَ الذِّكْرِ الْمَسْنُونِ إِنْ لَمْ يَكُنْ إِمَامًا يُطِيلُ الصَّلَاةَ وَلَا مَأْمُومًا يُخَالِفُ الْإِمَامَ، وَكَانَ مُنْفَرِدًا بِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute